• أذكر الله
  • أذكر الله
  • أذكر الله
  • أخر المواضيع

    السبت، 27 مايو 2017

    حذائي الأسود



    وقَفنا في الطابور الصباحيِّ في أول يومٍ لنا في المدرسة، فوضع الفتى أمامي يديه في جيبَيه، وأخذ يحرِّك قدمه جيئةً وذهابًا، وأنا أتابع قدمَه بنظري.

    أحببتُ بصراحةٍ هذا الحذاءَ الجديد الذي يرتديه بلونه الأزرق والفضيِّ اللامع، وقد رُسِم عليه من الخلف صورةُ الرَّجل العنكبوت، ثم زمَمْتُ شفتي امتعاضًا وأنا أرمُقُ حذائي الأسودَ، وقد اكتسى من جوانبه ببعض الغبار، ورُحتُ أتساءلُ:
    • كيف لي بحذاءٍ مثل هذا؟!
    أعلمُ أنَّ أبي لن يوافِق على شراء واحدٍ جديدٍ لي، فلم يمض سوى شهرين على شراء حذائي، سيقولُ لي حتمًا: إنَّه ليس قديمًا ولا باليًا.
    حسنًا.. ربما جعْلُه يبدو باليًا بعضَ الشيء ليست بالفكرةِ السيئة.

    ذهبتُ بعد انتهاء الدوامِ إلى التلَّة الصغيرة المجاورة لحيِّنا، ثمَّ جلستُ وأخرجتُ مقصًّا صغيرًا من حقيبتي، ورحتُ أمزِّقُ الخيوطَ المُحاكة على أطراف مُقدمة الحذاء، فسمعت عندها صوتًا يقولُ:
    آه! لقد آلَمتَني.

    التفَت يَمنةً ويسرةً فلم أجد أحدًا، أكملتُ القصَّ، فإذا بالصوت يَعلو:
    • توقَّفْ يا هذا، ما تظن أنكَ فاعلٌ؟!

    نظرتُ إلى الأسفل، فإذا بالحذاء يقولُ:
    • نعم، أنا هو صاحبُ الصوت، ألا ترى أنَّك تؤلِمني؟!
    • حذاءٌ يتكلَّم! هل أنا في حلمٍ؟!
    • وما الغرابة! لم لا أتكلَّمُ بعد أن فتحتَ فمي؟! بالمناسبة، لِمَ تمزقُني؟
    • ألا ترى أنَّكَ قبيحٌ جدًّا؟! لا أريدك.
    • إذًا، وداعًا.
    ومشى بضعَ خطوات.
    • هيه، أنت! إلى أين؟ أوصِلني إلى المنزل ثم اذهب إلى حيث تشاء.
    • أتظنني حذاء بلا كرامة؟! تمزِّقُ فمي، وتنعتُني بالقبيح، ثمَّ تطلبُ منِّي أن أوصلك! دعني أذهب يا هذا.
    • إلى أين ستذهبُ؟ لن يَقبل أحدٌ أن يرتديَك بعد أن فُتح فمُك.
    • بل كثيرٌ هم، هنالك مَن يتمنى جوربًا، فما بالُك بحذاءٍ!

    بدأَتْ تتوارد إلى مخيلتي أفكارٌ سوداء، ماذا إن رآني (وائل) في هذا البرد القارس، سيجعلُ منِّي عندها أضحوكةً وطُرفةً يتندَّر بها في المدرسة؟ بل ماذا إن دُسْتُ على قطعة زُجاجٍ مكسور وسال الدَّمُ من قَدمي؟! استَسْلمتُ للحذاء وناديتُه متوسِّلًا:
    • هيَّا أوصلني، أرجوك.
    • لن أوصلك قبلَ أن تجيبني عن أسئلتي.
    • أسئلة! حسنًا، لك ما تريد.
    • هل آلمتُك يومًا؟ ألم أتحمَّل البردَ طيلة فترة الشتاء القارس لكي أُبقي قدميك دافئتين؟ بل تذكَّرْ معي: كم مرَّةً ركَلْتَ الكُرةَ برأسي؟ أتظن أنَّ ذلك لا يؤلم؟! أهكذا يكون جزاء مَن أحسنَ إليك؟!

    شعرتُ وقتها بالأسى يَعتصر قلبي، فعلًا ما ذَنبُه إن كان أسودَ اللون؟! هو مُريحٌ فعلًا ودافئٌ، فأردفتُ قائلًا:
    • هيا لنَعُدْ يا صديقي معًا، صدِّقني لا أريدُ سواك، سنصلحُك وستغدو جديدًا.
    وبعدَ أن ابتسمَ لي موافقًا، قفَلْنا راجعَين إلى المنزل، وفمُه يفتحُ ويطبق طيلةَ الطريق، بينما تَبدو أصابعي كالأسنان بداخله.

    كان أبي في انتظاري، وعندما رأى ما حلَّ بحذائي المسكين اقترح عليَّ شراءَ واحدٍ جديد، أجبتُه مبتسمًا وأنا أنظرُ إلى حذائي بطرف عيني:
    • لا يا أبي، لطفًا، أصلِحْه لي فقط، فأنا أحبُّ هذا الحذاء.


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/106207/#ixzz4iKB05S5R

    حذائي الأسود ( قصة للأطفال )

    حذائي الأسود



    وقَفنا في الطابور الصباحيِّ في أول يومٍ لنا في المدرسة، فوضع الفتى أمامي يديه في جيبَيه، وأخذ يحرِّك قدمه جيئةً وذهابًا، وأنا أتابع قدمَه بنظري.

    أحببتُ بصراحةٍ هذا الحذاءَ الجديد الذي يرتديه بلونه الأزرق والفضيِّ اللامع، وقد رُسِم عليه من الخلف صورةُ الرَّجل العنكبوت، ثم زمَمْتُ شفتي امتعاضًا وأنا أرمُقُ حذائي الأسودَ، وقد اكتسى من جوانبه ببعض الغبار، ورُحتُ أتساءلُ:
    • كيف لي بحذاءٍ مثل هذا؟!
    أعلمُ أنَّ أبي لن يوافِق على شراء واحدٍ جديدٍ لي، فلم يمض سوى شهرين على شراء حذائي، سيقولُ لي حتمًا: إنَّه ليس قديمًا ولا باليًا.
    حسنًا.. ربما جعْلُه يبدو باليًا بعضَ الشيء ليست بالفكرةِ السيئة.

    ذهبتُ بعد انتهاء الدوامِ إلى التلَّة الصغيرة المجاورة لحيِّنا، ثمَّ جلستُ وأخرجتُ مقصًّا صغيرًا من حقيبتي، ورحتُ أمزِّقُ الخيوطَ المُحاكة على أطراف مُقدمة الحذاء، فسمعت عندها صوتًا يقولُ:
    آه! لقد آلَمتَني.

    التفَت يَمنةً ويسرةً فلم أجد أحدًا، أكملتُ القصَّ، فإذا بالصوت يَعلو:
    • توقَّفْ يا هذا، ما تظن أنكَ فاعلٌ؟!

    نظرتُ إلى الأسفل، فإذا بالحذاء يقولُ:
    • نعم، أنا هو صاحبُ الصوت، ألا ترى أنَّك تؤلِمني؟!
    • حذاءٌ يتكلَّم! هل أنا في حلمٍ؟!
    • وما الغرابة! لم لا أتكلَّمُ بعد أن فتحتَ فمي؟! بالمناسبة، لِمَ تمزقُني؟
    • ألا ترى أنَّكَ قبيحٌ جدًّا؟! لا أريدك.
    • إذًا، وداعًا.
    ومشى بضعَ خطوات.
    • هيه، أنت! إلى أين؟ أوصِلني إلى المنزل ثم اذهب إلى حيث تشاء.
    • أتظنني حذاء بلا كرامة؟! تمزِّقُ فمي، وتنعتُني بالقبيح، ثمَّ تطلبُ منِّي أن أوصلك! دعني أذهب يا هذا.
    • إلى أين ستذهبُ؟ لن يَقبل أحدٌ أن يرتديَك بعد أن فُتح فمُك.
    • بل كثيرٌ هم، هنالك مَن يتمنى جوربًا، فما بالُك بحذاءٍ!

    بدأَتْ تتوارد إلى مخيلتي أفكارٌ سوداء، ماذا إن رآني (وائل) في هذا البرد القارس، سيجعلُ منِّي عندها أضحوكةً وطُرفةً يتندَّر بها في المدرسة؟ بل ماذا إن دُسْتُ على قطعة زُجاجٍ مكسور وسال الدَّمُ من قَدمي؟! استَسْلمتُ للحذاء وناديتُه متوسِّلًا:
    • هيَّا أوصلني، أرجوك.
    • لن أوصلك قبلَ أن تجيبني عن أسئلتي.
    • أسئلة! حسنًا، لك ما تريد.
    • هل آلمتُك يومًا؟ ألم أتحمَّل البردَ طيلة فترة الشتاء القارس لكي أُبقي قدميك دافئتين؟ بل تذكَّرْ معي: كم مرَّةً ركَلْتَ الكُرةَ برأسي؟ أتظن أنَّ ذلك لا يؤلم؟! أهكذا يكون جزاء مَن أحسنَ إليك؟!

    شعرتُ وقتها بالأسى يَعتصر قلبي، فعلًا ما ذَنبُه إن كان أسودَ اللون؟! هو مُريحٌ فعلًا ودافئٌ، فأردفتُ قائلًا:
    • هيا لنَعُدْ يا صديقي معًا، صدِّقني لا أريدُ سواك، سنصلحُك وستغدو جديدًا.
    وبعدَ أن ابتسمَ لي موافقًا، قفَلْنا راجعَين إلى المنزل، وفمُه يفتحُ ويطبق طيلةَ الطريق، بينما تَبدو أصابعي كالأسنان بداخله.

    كان أبي في انتظاري، وعندما رأى ما حلَّ بحذائي المسكين اقترح عليَّ شراءَ واحدٍ جديد، أجبتُه مبتسمًا وأنا أنظرُ إلى حذائي بطرف عيني:
    • لا يا أبي، لطفًا، أصلِحْه لي فقط، فأنا أحبُّ هذا الحذاء.


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/106207/#ixzz4iKB05S5R

    على جناح حمامة



    ذهب أحمد لقضاء العمرة مع والده وكان لابد أن يزورا المدينة المنورة.. أحمد تعب جسمانيا في هذه الرحلة وأصابه المرض والدوار مع ارتفاع في الحرارة، وهذا من تأثير تغيير الجو، والحر الشديد، والزحام مما أثر على حيويته، ولما سمع أن العمرة كلها تتم مراسيمها في مكة المكرمة، وأن الذهاب للمدينة فقط للتبرك والسلام على النبي ((صلى الله عليه وسلم)) تشجع.. وقال لوالده:
    • هيا نرجع إلى بلدنا فقد أدينا العمرة.
    قال الأب: وكيف لا نزور مسجد النبي ((صلى الله عليه وسلم)) وقبره.!!

    • وهل سيستقبلنا بنفسه.؟! فما الداعي لهذه الزيارة يا أبي.

    • حتى لو عرفت أن النبي ((صلى الله عليه وسلم)) قال:
    ((لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا)) متفق عليه.

    • وهل يغضب منا النبي إذا لم نزره.

    • رسولنا سمح لا يعرف الغضب.!! ولكن من لم يزره يحرم نفسه من الصلاة في روضة من رياض الجنة.

    • في روضة من رياض الجنة.!!

    • نعم يا أحمد فقد قال ((صلى الله عليه وسلم)): (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة).

    أكمل الأب وهو يدفعه ليركب السيارة، فرمى أحمد ما في يده من بقايا القمح للحمام الذى كان يطعمه وركب..

    قال الأب:
    • وأيضا سيفوتك زيارة أول عاصمة إسلامية، طيبة الطيبة.. وثاني أقدس الأماكن لدى المسلمين بعد مكة المكرمة.

    • ما كل هذا الكلام.!! لم أفهم شيئا.

    • هذا ليس بكثيرعلى الذين استقبلوا النبي وصحبه أحسن استقبال.

    فإذا بمن في السيارة كلهم يغنون:
    طلع البدر علينا 
    من ثنيات الوداع 
    وجب الشكر علينا 
    ما دعى لله داع 
    أيها المبعوث فينا 
    جئت بالأمر المطاع 
    جئت شرفت المدينه  
    مرحبا يا خير داع 

    انتشى أحمد قليلا فلحقه والده:
    • ليس النبي ((صلى الله عليه وسلم)) وصحبه فقط بل استقبلوا المهاجرين من بعده، وآووهم ونصروهم، واقتسموا معهم البيت والمال.
    •• وهل يعقل يا أبي أن يقتسم أحد مع غيره البيت والمال.!
    •• حدث في المدينة الطيب أهلها ولذا تلقب "بطيبة الطيبة".

    فقد سماها النبي ((صلى الله عليه وسلم)) طيبة ونهى عن استخدام اسمها القديم يثرب وقال:
    ((يَقُولُونَ يَثْرِبُ! وَهِيَ الْمَدِينَةُ))، متفق عليه، وقال: ((مَنْ سَمَّى الْمَدِينَة يَثْرِب فَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّه , هِيَ طَابَة هِيَ طَابَة))؛ رواه أحمد.

    قال أحمد: ألهذه الدرجة يحبها الرسول.
    قال الأب:
    • نعم وأكثر.. ولماذا تسألني، معك الموبايل ادخل منه على النت واعرف كم يحبها.؟

    نظر أحمد في النت وقرأ:
    • فعلا يا أبى.. فقد دعا ((صلى الله عليه وسلم)) للمدينة بالبركة قائلا:
    • اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم.

    قال الأب:
    • يقصد تمر المدينة التى اشتهرت به، فتمرها شفاء من السم، لذا يستحب أكل سبع تمرات في البكور.

    قال أحمد:
    قال - صلى الله عليه وسلم - لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم لا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء.
    • ولا يدخلها الطاعونُ ولا رعب المسيح الدجال فعلى أنقابها ملائكة.متفق عليه.

    وقال ((صلى الله عليه وسلم)):
    • المدينة ترتجف بأهلها فيخرج الله منها كل كافر ومنافق: رواه البخاري.

    وقال: اللهم إني أحرم ما بين لابتيها مثل ما حرم إبراهيم مكة. أخرجه مسلم.

    قال الأب:
    • ويقصد جبل ثور جهة الشمال وجبل عير جهة الجنوب، واللابة الأرض التى بها حجارة سود.

    سكت أحمد بعض الوقت.. ثم لاحظ الأب أن ابنه يردد أخر ما استوعبه ذهنه:
    كما يذوبُ الملحُ في الماء  
    كما يذوبُ الملحُ في الماءِ. 

    نظر إليه فوجده يغط في نوم عميق.. أخذ من يده الموبايل ليغلقه وهو يقول:
    • النوم أفضل حتى لا يشعر ببعد المسافة.

    بينما أحمد في منامه طائرا على جناح واحدة من حمام الحمى تقول له:
    • سأقطع بك حوالي 400 كم من مكة المكرمة إلى المدينة شمالا في لمح البصر.

    قال أحمد:
    • ولماذا تقطعين كل هذه المسافة لأجلي.. ألكي توصلينني فقط وتعودين؟

    قالت الحمامة:
    أنا ذاهبة لزيارة النبي ((صلى الله عليه وسلم)) وزيارة أختى هناك.

    •• ولماذا لا تعيشين مع أختك في مكان واحد.؟ وتوفرين الذهاب والعودة.!

    قالت الحمامة:
    • وهل هناك سعادة أكبر من أن أزور قبر النبي وأختي في آن، وهى بالتالي تأتي إلى مكة وتطوف بالبيت وتزورني..

    قال أحمد:
    • من أنت ومن أختك يا حمامة؟

    قالت الحمامة:
    • سمعت أقوال كثيرة عن البداية فمن قال:  أننا من الحمامتين اللتين كان عشهما على غار ثور أثناء هجرة النبي ((صلى الله عليه وسلم)) وصاحبه أبى بكر الصديق ((رضى الله عنه)).

    • ومن قال: أصلنا يرجع لعام الفيل الذي أحضره أبرهة لهدم الكعبة، فقد أرسل الله طيرا من البحر اسماه طيرًا أبابيل لإهلاك أصحاب الفيل..

    • ومن قال: إن أصل حمام الحرم يرجع لزمن نوح عليه السلام والطوفان.. حيث قام الحمام بمهمته وأخبر عن جفاف أرض الكعبة المشرفة، فدعا سيدنا نوح للحمام بالبركة..

    قال أحمد:
    • وهل تقتصر الزيارة على قبر الرسول ثم العودة فقط.

    قالت الحمامة: انتظر سترى الآن.. ثم مالت الحمامة يمنة ويسرا فصاح أحمد:
    • ماذا بك ستوقعيني من على جناحك يا حمامة.

    قالت الحمامة:
    • لا تخف إنني أميل بك لكى أقربك من هذا المكان التاريخي.. والذي حدث فيه أول معركة في الاسلام هل تعرفها؟
    •• نعم موقعة بدر.. المواجهة الأولى بين المسلمين والمشركين.

    قالت الحمامة: وهل تعرف اسم هذا المسجد.
    قال أحمد: أعتقد أنه مسجد العريش.

    قالت الحمامة: نعم ولكأني اسمع سعد بن معاذ "رضي الله عنه" في كلمته الشهيرة ((امض يا رسول الله لما أردت فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد)).

    ثم إقترح رضي الله عنه أن يبنى عريشا للرسول ((صلى الله عليه و سلم)) حيث صلى، بعد ذلك بني المسجد في مكان العريش وسمي بمسجد العريش.

    قال أحمد:- وأرى أيضا مقبرة الشهداء، وهذا المجسم بأسمائهم.
    قالت الحمامة:- تمام.. هيا امسك نفسك.. سأرتفع حالا فوووووووو.

    •• هل ستنخفضين مرة أخرى.؟!
    • نعم هذا (مسجد قباء) أول مسجد بني في الإسلام.
    • أيضا أعرفه فهو أول مسجد بني في الإسلام.
    • نعم.. نعم.. فووووووووووووو

    • مالت الحمامة وقالت ماذا ترى من هنا؟
    قال أحمد:- أرى قبتين لمسجد واحد.

    قالت الحمامة:- إذا نحن عند (مسجد القبلتين) ماذا تعرف عنه..
    • أعرف أن النبي والصحابة كانوا في صلاة الظهر، تجاه المسجد الأقصى، وإذ بالوحي ينزل على النبي بتحويل اتجاه القبلة الى المسجد الحرام فاستدار وهو في الصلاة واستدار باقي المصلين في الحال.
    • والمسجد كما ترى تعلوه قبتان. فوووووووووووووو

    سأل أحمد:
    • كم يتبق على المسجد النبوى يا حمامة.
    • لم يبق سوى مسافة 3,63 كيلو مترات.

    قال أحمد: أراك تهدئين من سرعتك أتتوقفين هنا.؟

    قالت الحمامة: - يجب ألا ننسى زيارة (جبل أحد) قال عنه النبي ((صلى الله عليه وسلم)): (أحد جبل يحبنا ونحبه).متفق عليه

    قال أحمد:- أرى أننا قد وصلنا إلى (المسجد النبوي).

    • نعم.. ثاني أقدس المساجد بالنسبة للمسلمين بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة.

    • وبجواره (البقيع) المقبرة الرئيسية لأهل المدينة، ودفن فيها أكثرالصحابة.

    • الحمد لله على السلامة.
    .
    قالت الحمامة:
    • أرأيت كم تضم المدينة بين أحضانها كثير من المعالم والآثار.. أتركك في أمان الله وأنطلق أنا إلى أختي فووووووووووووووو.

    أخذ أحمد يردد: أحد يحبنا ونحبه.. يحبنا ونحبه.

    هزه والده: قم يا أحمد.. لقد وصلنا.

    قام أحمد منتشيا وقال: - لقد كنت في حلم جميل سأحكيه لك..

    استمع الأب إلى ابنه ثم احتضنه وقال وماذا استفدت من هذا.

    قال أحمد:
    • أريد أن أزور كل معالم المدينة بجبالها ووديانها وشوارعها وأزقتها القديمة.

    وأسلم على حمام الحمى وألقى له بالقمح.. فهو أيضا من معالم المدينة الجميل..

    قال الأب:
    • هيا يا بني ننطلق إلى زيارة نبينا الحبيب.. انتظر ماذا تفعل.

    • أقطع هذا الفرع من الشجرة ربما يصدم أحدا.

    • لا يا بنى احذر، فالمدينة، يحرم صيدها، وقطع أشجارها، كما تحرم لقطتها إلا لمن يريد تعريفها.

    قال أحمد:
    • معك حق يا والدى كدت أنسى هذا الأمر.

    قال الأب:
    • بارك الله فيك يا بني.. أنت سريع الاستجابة والامتثال.

    • هيا يا أبي أسرع لقد زاد شوقى للسلام على النبي ((صلى الله عليه وسلم)).. والصلاة في روضة من رياض الجنة الجنة.


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/55323/#ixzz4iKA24r6i

    على حناح الحمامة ( قصة للأطفال )

    على جناح حمامة



    ذهب أحمد لقضاء العمرة مع والده وكان لابد أن يزورا المدينة المنورة.. أحمد تعب جسمانيا في هذه الرحلة وأصابه المرض والدوار مع ارتفاع في الحرارة، وهذا من تأثير تغيير الجو، والحر الشديد، والزحام مما أثر على حيويته، ولما سمع أن العمرة كلها تتم مراسيمها في مكة المكرمة، وأن الذهاب للمدينة فقط للتبرك والسلام على النبي ((صلى الله عليه وسلم)) تشجع.. وقال لوالده:
    • هيا نرجع إلى بلدنا فقد أدينا العمرة.
    قال الأب: وكيف لا نزور مسجد النبي ((صلى الله عليه وسلم)) وقبره.!!

    • وهل سيستقبلنا بنفسه.؟! فما الداعي لهذه الزيارة يا أبي.

    • حتى لو عرفت أن النبي ((صلى الله عليه وسلم)) قال:
    ((لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا)) متفق عليه.

    • وهل يغضب منا النبي إذا لم نزره.

    • رسولنا سمح لا يعرف الغضب.!! ولكن من لم يزره يحرم نفسه من الصلاة في روضة من رياض الجنة.

    • في روضة من رياض الجنة.!!

    • نعم يا أحمد فقد قال ((صلى الله عليه وسلم)): (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة).

    أكمل الأب وهو يدفعه ليركب السيارة، فرمى أحمد ما في يده من بقايا القمح للحمام الذى كان يطعمه وركب..

    قال الأب:
    • وأيضا سيفوتك زيارة أول عاصمة إسلامية، طيبة الطيبة.. وثاني أقدس الأماكن لدى المسلمين بعد مكة المكرمة.

    • ما كل هذا الكلام.!! لم أفهم شيئا.

    • هذا ليس بكثيرعلى الذين استقبلوا النبي وصحبه أحسن استقبال.

    فإذا بمن في السيارة كلهم يغنون:
    طلع البدر علينا 
    من ثنيات الوداع 
    وجب الشكر علينا 
    ما دعى لله داع 
    أيها المبعوث فينا 
    جئت بالأمر المطاع 
    جئت شرفت المدينه  
    مرحبا يا خير داع 

    انتشى أحمد قليلا فلحقه والده:
    • ليس النبي ((صلى الله عليه وسلم)) وصحبه فقط بل استقبلوا المهاجرين من بعده، وآووهم ونصروهم، واقتسموا معهم البيت والمال.
    •• وهل يعقل يا أبي أن يقتسم أحد مع غيره البيت والمال.!
    •• حدث في المدينة الطيب أهلها ولذا تلقب "بطيبة الطيبة".

    فقد سماها النبي ((صلى الله عليه وسلم)) طيبة ونهى عن استخدام اسمها القديم يثرب وقال:
    ((يَقُولُونَ يَثْرِبُ! وَهِيَ الْمَدِينَةُ))، متفق عليه، وقال: ((مَنْ سَمَّى الْمَدِينَة يَثْرِب فَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّه , هِيَ طَابَة هِيَ طَابَة))؛ رواه أحمد.

    قال أحمد: ألهذه الدرجة يحبها الرسول.
    قال الأب:
    • نعم وأكثر.. ولماذا تسألني، معك الموبايل ادخل منه على النت واعرف كم يحبها.؟

    نظر أحمد في النت وقرأ:
    • فعلا يا أبى.. فقد دعا ((صلى الله عليه وسلم)) للمدينة بالبركة قائلا:
    • اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم.

    قال الأب:
    • يقصد تمر المدينة التى اشتهرت به، فتمرها شفاء من السم، لذا يستحب أكل سبع تمرات في البكور.

    قال أحمد:
    قال - صلى الله عليه وسلم - لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم لا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء.
    • ولا يدخلها الطاعونُ ولا رعب المسيح الدجال فعلى أنقابها ملائكة.متفق عليه.

    وقال ((صلى الله عليه وسلم)):
    • المدينة ترتجف بأهلها فيخرج الله منها كل كافر ومنافق: رواه البخاري.

    وقال: اللهم إني أحرم ما بين لابتيها مثل ما حرم إبراهيم مكة. أخرجه مسلم.

    قال الأب:
    • ويقصد جبل ثور جهة الشمال وجبل عير جهة الجنوب، واللابة الأرض التى بها حجارة سود.

    سكت أحمد بعض الوقت.. ثم لاحظ الأب أن ابنه يردد أخر ما استوعبه ذهنه:
    كما يذوبُ الملحُ في الماء  
    كما يذوبُ الملحُ في الماءِ. 

    نظر إليه فوجده يغط في نوم عميق.. أخذ من يده الموبايل ليغلقه وهو يقول:
    • النوم أفضل حتى لا يشعر ببعد المسافة.

    بينما أحمد في منامه طائرا على جناح واحدة من حمام الحمى تقول له:
    • سأقطع بك حوالي 400 كم من مكة المكرمة إلى المدينة شمالا في لمح البصر.

    قال أحمد:
    • ولماذا تقطعين كل هذه المسافة لأجلي.. ألكي توصلينني فقط وتعودين؟

    قالت الحمامة:
    أنا ذاهبة لزيارة النبي ((صلى الله عليه وسلم)) وزيارة أختى هناك.

    •• ولماذا لا تعيشين مع أختك في مكان واحد.؟ وتوفرين الذهاب والعودة.!

    قالت الحمامة:
    • وهل هناك سعادة أكبر من أن أزور قبر النبي وأختي في آن، وهى بالتالي تأتي إلى مكة وتطوف بالبيت وتزورني..

    قال أحمد:
    • من أنت ومن أختك يا حمامة؟

    قالت الحمامة:
    • سمعت أقوال كثيرة عن البداية فمن قال:  أننا من الحمامتين اللتين كان عشهما على غار ثور أثناء هجرة النبي ((صلى الله عليه وسلم)) وصاحبه أبى بكر الصديق ((رضى الله عنه)).

    • ومن قال: أصلنا يرجع لعام الفيل الذي أحضره أبرهة لهدم الكعبة، فقد أرسل الله طيرا من البحر اسماه طيرًا أبابيل لإهلاك أصحاب الفيل..

    • ومن قال: إن أصل حمام الحرم يرجع لزمن نوح عليه السلام والطوفان.. حيث قام الحمام بمهمته وأخبر عن جفاف أرض الكعبة المشرفة، فدعا سيدنا نوح للحمام بالبركة..

    قال أحمد:
    • وهل تقتصر الزيارة على قبر الرسول ثم العودة فقط.

    قالت الحمامة: انتظر سترى الآن.. ثم مالت الحمامة يمنة ويسرا فصاح أحمد:
    • ماذا بك ستوقعيني من على جناحك يا حمامة.

    قالت الحمامة:
    • لا تخف إنني أميل بك لكى أقربك من هذا المكان التاريخي.. والذي حدث فيه أول معركة في الاسلام هل تعرفها؟
    •• نعم موقعة بدر.. المواجهة الأولى بين المسلمين والمشركين.

    قالت الحمامة: وهل تعرف اسم هذا المسجد.
    قال أحمد: أعتقد أنه مسجد العريش.

    قالت الحمامة: نعم ولكأني اسمع سعد بن معاذ "رضي الله عنه" في كلمته الشهيرة ((امض يا رسول الله لما أردت فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد)).

    ثم إقترح رضي الله عنه أن يبنى عريشا للرسول ((صلى الله عليه و سلم)) حيث صلى، بعد ذلك بني المسجد في مكان العريش وسمي بمسجد العريش.

    قال أحمد:- وأرى أيضا مقبرة الشهداء، وهذا المجسم بأسمائهم.
    قالت الحمامة:- تمام.. هيا امسك نفسك.. سأرتفع حالا فوووووووو.

    •• هل ستنخفضين مرة أخرى.؟!
    • نعم هذا (مسجد قباء) أول مسجد بني في الإسلام.
    • أيضا أعرفه فهو أول مسجد بني في الإسلام.
    • نعم.. نعم.. فووووووووووووو

    • مالت الحمامة وقالت ماذا ترى من هنا؟
    قال أحمد:- أرى قبتين لمسجد واحد.

    قالت الحمامة:- إذا نحن عند (مسجد القبلتين) ماذا تعرف عنه..
    • أعرف أن النبي والصحابة كانوا في صلاة الظهر، تجاه المسجد الأقصى، وإذ بالوحي ينزل على النبي بتحويل اتجاه القبلة الى المسجد الحرام فاستدار وهو في الصلاة واستدار باقي المصلين في الحال.
    • والمسجد كما ترى تعلوه قبتان. فوووووووووووووو

    سأل أحمد:
    • كم يتبق على المسجد النبوى يا حمامة.
    • لم يبق سوى مسافة 3,63 كيلو مترات.

    قال أحمد: أراك تهدئين من سرعتك أتتوقفين هنا.؟

    قالت الحمامة: - يجب ألا ننسى زيارة (جبل أحد) قال عنه النبي ((صلى الله عليه وسلم)): (أحد جبل يحبنا ونحبه).متفق عليه

    قال أحمد:- أرى أننا قد وصلنا إلى (المسجد النبوي).

    • نعم.. ثاني أقدس المساجد بالنسبة للمسلمين بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة.

    • وبجواره (البقيع) المقبرة الرئيسية لأهل المدينة، ودفن فيها أكثرالصحابة.

    • الحمد لله على السلامة.
    .
    قالت الحمامة:
    • أرأيت كم تضم المدينة بين أحضانها كثير من المعالم والآثار.. أتركك في أمان الله وأنطلق أنا إلى أختي فووووووووووووووو.

    أخذ أحمد يردد: أحد يحبنا ونحبه.. يحبنا ونحبه.

    هزه والده: قم يا أحمد.. لقد وصلنا.

    قام أحمد منتشيا وقال: - لقد كنت في حلم جميل سأحكيه لك..

    استمع الأب إلى ابنه ثم احتضنه وقال وماذا استفدت من هذا.

    قال أحمد:
    • أريد أن أزور كل معالم المدينة بجبالها ووديانها وشوارعها وأزقتها القديمة.

    وأسلم على حمام الحمى وألقى له بالقمح.. فهو أيضا من معالم المدينة الجميل..

    قال الأب:
    • هيا يا بني ننطلق إلى زيارة نبينا الحبيب.. انتظر ماذا تفعل.

    • أقطع هذا الفرع من الشجرة ربما يصدم أحدا.

    • لا يا بنى احذر، فالمدينة، يحرم صيدها، وقطع أشجارها، كما تحرم لقطتها إلا لمن يريد تعريفها.

    قال أحمد:
    • معك حق يا والدى كدت أنسى هذا الأمر.

    قال الأب:
    • بارك الله فيك يا بني.. أنت سريع الاستجابة والامتثال.

    • هيا يا أبي أسرع لقد زاد شوقى للسلام على النبي ((صلى الله عليه وسلم)).. والصلاة في روضة من رياض الجنة الجنة.


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/55323/#ixzz4iKA24r6i



    حكايات حفصة



    في تلك الحديقة الغنَّاء كانت المَناظر رائعةً، والأشجار الصغيرة تهتزُّ أوراقها سعيدة بدخولنا، والأشجار الكبيرة تُعانق السماء في ودٍّ حاجبةً ضوء الشمس عنا، والعصافير متخذة من الشجر عششًا لها شاديةً بأعذب الألحان، وكلما نظرتَ في كل اتجاه تجد اللون الأخضر قد تربَّع ملكًا متوجًا على الحديقة والأشجار، تاجًا على رؤوسها تُزيِّنه الورود الحمراء والصفراء والوردية والبنفسجية كاللآلئ، وتتناغم الألوان في انسجام، فما أجملَ خَلْقَ الله!

    فرشتْ أمي الملاءة بأرض الحديقة.

    آه، لقد نسيتُ أن أعرفكم بنفسي وأسرتي، فأنا حفصة، وأختي عائشة، وأخواي محمد وعبدالله، وأبي يعمَل مُعلِّمًا، وأمي ملِكَةٌ في منزلها تَحفظ الله في أبي، وحريصة على تعليمنا آداب دينِنا وتعاليمه.

    نتنافس أنا وإخوتي في حفظ كتاب الله، ومُحافظون على صلواتنا في أوقاتها، نُخرِج من مصروفنا صدقةً صغيرة، وأمي تُخبرنا أن الله يربِّيها لنا.

    عوَّدنا أبي كل إجازة أُسبوعية أن نذهَب في رحلة للترفيه وتأمُّل خلْق الله، والاستماع إلى دروس أبي الشيقة.

    بدأ أبي حديثه الماتع وقال لنا: أبنائي الأعزاء، اليوم نتكلم عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمَن كانتْ هِجرته إلى الله ورسوله، فهجرتُه إلى الله ورسوله، ومَن كانتْ هِجرتُه لدنيا يُصيبها، أو امرأةٍ يَنكحها، فهِجرتُه إلى ما هاجر إليه))؛ رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، والذي طلبتُ منكم حفظه في الأسبوع الماضي.

    بادئ ذي بدء، هناك شرطان أحبائي لِقَبول الأعمال عند الله سبحانه وتعالى؛ الشرط الأول: النية؛ فلا بدَّ قبل أي عمل أن أستحضِرَ النية، هل هذا العمل أريد به وجهَ الله تعالى أو لا؟
    أقف مع نفسي.

    الشرط الثاني: أن يكون مُطابقًا لما جاء به النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فمثلاً يا أولادي: قبل الأكل أستحضر نية أنه امتثالٌ لأمر الله عز وجل؛ لأنه - سبحانه تعالى - قال: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ﴾ [الأعراف: 31]، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أكله، وأنه حفاظٌ للجسم؛ لأن الله أمَرَنا بعدم إلقاء النفس إلى التَّهْلُكة؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195]، وأنه للتقوِّي على طاعة الله، ونيَّة التكفُّف عن الناس.

    وفي الوقت نفسه يا أحبائي ألتزم بآداب النبي صلى الله عليه وسلم في طعامي؛ حيث قال: ((يا غلام، سمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يلَيك))؛ رواه البخاري ومسلم.

    فنطبِّق هذا الحديث؛ نبدأ باسم الله، والأكل باليمين، ومِن الصحن الذي أمامك، فإن نسيتَ أن تُسمِّي في أوله، وتذكَّرْتَ في أثنائه، فقل: بسم الله أوله وآخره؛ كما أرشد إلى ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي روتْه عائشة، وأخرجه أبو داود والترمذي.

    وانتبهوا يا صغاري لحديثٍ مُنتشِر بين الناس، وهو: "اللهمَّ بارك لنا فيما رزقتَنا، وقِنا عذاب النار"؛ فهو حديث مُنكَر لا يصحُّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ولا ننفخ يا أبنائي في الطعام؛ فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في الطعام والشراب‏.‏

    ولا نُسرف؛ فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًّا من بطنه، بحسب ابن آدم لُقيمات يُقِمْن صلبه، فإن كان لا بدَّ فاعلاً فثُلُث لطعامه، وثُلُث لشرابه، وثُلُث لنفَسِه))؛ رواه الترمذي وحسَّنه.

    ولا نَردُّ موجودًا، ولا نغضب على طعام أمِّنا.
    ثم نحمد الله بعد الأكل؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع مائدته قال: ((الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، غير مَكْفِيٍّ، ولا مُستغنًى عنه ربَّنا))؛ رواه البخاري.

    وهكذا يا أبنائي، فالنيَّةُ يتميز بها العملُ إن كان عادةً أو عبادة، وتتميَّز بها الأعمالُ؛ الفرض مِن النفل، وتُلاحظون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما))، فيها إشارة للعمل، و((إنما الأعمال بالنيات)) فهنا إشارة لنية الإنسان، هل عمل لله أو عمل للدنيا؟
    ((فمَن كانت هِجْرَتُه إلى الله ورسوله...))؛ أي: قاصدًا بعمله الله ورسوله، أي: يريد الوصول إلى الله، أي: يريد ثوابه ويريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليَفوز بصحبته في الجنة، ويعمل بسنَّته ويُدافع عنها، ويدعو إليها، ويذبُّ عنه، وينشر دينه.

    ولا هِجرةَ يا أبنائي بعد فتْح مكةَ، وإنما جهادٌ ونيةٌ، وبَقِيَ الانتقالُ مِن دار الكفر خوف الفتنة إلى دار الأمن مَشروعًا إلى يوم القيامة.
    قلتُ: يا أبي، هل أتلفَّظ بالنية؟

    قال: لا يا بُنيتي؛ فالنيةُ محلُّها القلب، والتلفُّظ بها بدعةٌ.
    ((ومَن كانتْ هجرتُه لدنيا يصيبها...))؛ أي: مَن كانتْ هجرتُه لأجل دُنيا يصيب غرَضًا منها، أو لأجل ((امرأة يَنكحها، فهجرتُه)) قبيحةٌ أشد القُبح، مذمومة أخسَّ الذم، فعباداتُ أهل الغفلة عادات، وعاداتُ أهل اليقظة عِبادات.

    تكلَّم أخي عبدالله قائلاً: يا أبي، هل يجوز أن نسافرَ لقبر النبي صلى الله عليه وسلم ونُهاجِر؟
    لا يا بنيَّ، لا يُهاجَر إلى المدينة مِن أجْلِ شخص الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه تحت الثَّرى، وأما الهجرةُ إلى سنَّتِه وشرعِه فهذا مما جاء الحثُّ عليه، فالهجرةُ إلى الله في كل وقت وحينٍ، والهجرةُ إلى رسول الله لشخْصِه وشريعته حالَ حياته، وبعد مماته إلى شريعته فقط.

    ابتسم أبي، وقال: ماذا استفدتم يا أبنائي؟
    قالتْ عائشة: لا بدَّ مِن الحرص على كلٍّ مِن: النيَّة، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم؛ حتى يتقبَّل الله أعمالنا.

    قال محمد: عدم التلفُّظ بالنية، وأن محلَّها القلب.
    قلت: سأنصر نبيي محمدًا صلى الله عليه وسلم بتطبيق سنَّته والدعوة إليها.

    هنا تحدَّثت أمي وقالت: يجب أن نتعلَّم الإخلاص يا أبنائي، فالإخلاصُ: أن نقصدَ بأعمالنا اللهَ - سبحانه وتعالى - فنكون واحدًا لواحدٍ.

    وعليكم أن تُعوِّدوا أنفسكم أن تكونَ أعمالكم كلها لله، تقصدون بها وجهه، وتأتونها بالكيفية التي أخْبَرَنا بها نبيُّنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم؛ صغيرها وكبيرها.

    قال أبي: أحسنتُم يا أحبائي، هيا لتناوُل الغذاء، وبعدها نمرَح ونستمتع بالحديقة الغناء وخَلْقِ الله.


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/85351/#ixzz4iK80glgz

    حكايات حفصة (قصة للأطفال)



    حكايات حفصة



    في تلك الحديقة الغنَّاء كانت المَناظر رائعةً، والأشجار الصغيرة تهتزُّ أوراقها سعيدة بدخولنا، والأشجار الكبيرة تُعانق السماء في ودٍّ حاجبةً ضوء الشمس عنا، والعصافير متخذة من الشجر عششًا لها شاديةً بأعذب الألحان، وكلما نظرتَ في كل اتجاه تجد اللون الأخضر قد تربَّع ملكًا متوجًا على الحديقة والأشجار، تاجًا على رؤوسها تُزيِّنه الورود الحمراء والصفراء والوردية والبنفسجية كاللآلئ، وتتناغم الألوان في انسجام، فما أجملَ خَلْقَ الله!

    فرشتْ أمي الملاءة بأرض الحديقة.

    آه، لقد نسيتُ أن أعرفكم بنفسي وأسرتي، فأنا حفصة، وأختي عائشة، وأخواي محمد وعبدالله، وأبي يعمَل مُعلِّمًا، وأمي ملِكَةٌ في منزلها تَحفظ الله في أبي، وحريصة على تعليمنا آداب دينِنا وتعاليمه.

    نتنافس أنا وإخوتي في حفظ كتاب الله، ومُحافظون على صلواتنا في أوقاتها، نُخرِج من مصروفنا صدقةً صغيرة، وأمي تُخبرنا أن الله يربِّيها لنا.

    عوَّدنا أبي كل إجازة أُسبوعية أن نذهَب في رحلة للترفيه وتأمُّل خلْق الله، والاستماع إلى دروس أبي الشيقة.

    بدأ أبي حديثه الماتع وقال لنا: أبنائي الأعزاء، اليوم نتكلم عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمَن كانتْ هِجرته إلى الله ورسوله، فهجرتُه إلى الله ورسوله، ومَن كانتْ هِجرتُه لدنيا يُصيبها، أو امرأةٍ يَنكحها، فهِجرتُه إلى ما هاجر إليه))؛ رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، والذي طلبتُ منكم حفظه في الأسبوع الماضي.

    بادئ ذي بدء، هناك شرطان أحبائي لِقَبول الأعمال عند الله سبحانه وتعالى؛ الشرط الأول: النية؛ فلا بدَّ قبل أي عمل أن أستحضِرَ النية، هل هذا العمل أريد به وجهَ الله تعالى أو لا؟
    أقف مع نفسي.

    الشرط الثاني: أن يكون مُطابقًا لما جاء به النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فمثلاً يا أولادي: قبل الأكل أستحضر نية أنه امتثالٌ لأمر الله عز وجل؛ لأنه - سبحانه تعالى - قال: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ﴾ [الأعراف: 31]، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أكله، وأنه حفاظٌ للجسم؛ لأن الله أمَرَنا بعدم إلقاء النفس إلى التَّهْلُكة؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195]، وأنه للتقوِّي على طاعة الله، ونيَّة التكفُّف عن الناس.

    وفي الوقت نفسه يا أحبائي ألتزم بآداب النبي صلى الله عليه وسلم في طعامي؛ حيث قال: ((يا غلام، سمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يلَيك))؛ رواه البخاري ومسلم.

    فنطبِّق هذا الحديث؛ نبدأ باسم الله، والأكل باليمين، ومِن الصحن الذي أمامك، فإن نسيتَ أن تُسمِّي في أوله، وتذكَّرْتَ في أثنائه، فقل: بسم الله أوله وآخره؛ كما أرشد إلى ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي روتْه عائشة، وأخرجه أبو داود والترمذي.

    وانتبهوا يا صغاري لحديثٍ مُنتشِر بين الناس، وهو: "اللهمَّ بارك لنا فيما رزقتَنا، وقِنا عذاب النار"؛ فهو حديث مُنكَر لا يصحُّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ولا ننفخ يا أبنائي في الطعام؛ فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في الطعام والشراب‏.‏

    ولا نُسرف؛ فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًّا من بطنه، بحسب ابن آدم لُقيمات يُقِمْن صلبه، فإن كان لا بدَّ فاعلاً فثُلُث لطعامه، وثُلُث لشرابه، وثُلُث لنفَسِه))؛ رواه الترمذي وحسَّنه.

    ولا نَردُّ موجودًا، ولا نغضب على طعام أمِّنا.
    ثم نحمد الله بعد الأكل؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع مائدته قال: ((الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، غير مَكْفِيٍّ، ولا مُستغنًى عنه ربَّنا))؛ رواه البخاري.

    وهكذا يا أبنائي، فالنيَّةُ يتميز بها العملُ إن كان عادةً أو عبادة، وتتميَّز بها الأعمالُ؛ الفرض مِن النفل، وتُلاحظون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما))، فيها إشارة للعمل، و((إنما الأعمال بالنيات)) فهنا إشارة لنية الإنسان، هل عمل لله أو عمل للدنيا؟
    ((فمَن كانت هِجْرَتُه إلى الله ورسوله...))؛ أي: قاصدًا بعمله الله ورسوله، أي: يريد الوصول إلى الله، أي: يريد ثوابه ويريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليَفوز بصحبته في الجنة، ويعمل بسنَّته ويُدافع عنها، ويدعو إليها، ويذبُّ عنه، وينشر دينه.

    ولا هِجرةَ يا أبنائي بعد فتْح مكةَ، وإنما جهادٌ ونيةٌ، وبَقِيَ الانتقالُ مِن دار الكفر خوف الفتنة إلى دار الأمن مَشروعًا إلى يوم القيامة.
    قلتُ: يا أبي، هل أتلفَّظ بالنية؟

    قال: لا يا بُنيتي؛ فالنيةُ محلُّها القلب، والتلفُّظ بها بدعةٌ.
    ((ومَن كانتْ هجرتُه لدنيا يصيبها...))؛ أي: مَن كانتْ هجرتُه لأجل دُنيا يصيب غرَضًا منها، أو لأجل ((امرأة يَنكحها، فهجرتُه)) قبيحةٌ أشد القُبح، مذمومة أخسَّ الذم، فعباداتُ أهل الغفلة عادات، وعاداتُ أهل اليقظة عِبادات.

    تكلَّم أخي عبدالله قائلاً: يا أبي، هل يجوز أن نسافرَ لقبر النبي صلى الله عليه وسلم ونُهاجِر؟
    لا يا بنيَّ، لا يُهاجَر إلى المدينة مِن أجْلِ شخص الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه تحت الثَّرى، وأما الهجرةُ إلى سنَّتِه وشرعِه فهذا مما جاء الحثُّ عليه، فالهجرةُ إلى الله في كل وقت وحينٍ، والهجرةُ إلى رسول الله لشخْصِه وشريعته حالَ حياته، وبعد مماته إلى شريعته فقط.

    ابتسم أبي، وقال: ماذا استفدتم يا أبنائي؟
    قالتْ عائشة: لا بدَّ مِن الحرص على كلٍّ مِن: النيَّة، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم؛ حتى يتقبَّل الله أعمالنا.

    قال محمد: عدم التلفُّظ بالنية، وأن محلَّها القلب.
    قلت: سأنصر نبيي محمدًا صلى الله عليه وسلم بتطبيق سنَّته والدعوة إليها.

    هنا تحدَّثت أمي وقالت: يجب أن نتعلَّم الإخلاص يا أبنائي، فالإخلاصُ: أن نقصدَ بأعمالنا اللهَ - سبحانه وتعالى - فنكون واحدًا لواحدٍ.

    وعليكم أن تُعوِّدوا أنفسكم أن تكونَ أعمالكم كلها لله، تقصدون بها وجهه، وتأتونها بالكيفية التي أخْبَرَنا بها نبيُّنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم؛ صغيرها وكبيرها.

    قال أبي: أحسنتُم يا أحبائي، هيا لتناوُل الغذاء، وبعدها نمرَح ونستمتع بالحديقة الغناء وخَلْقِ الله.


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/85351/#ixzz4iK80glgz

    شرح حديث :(ما ذئبان جائعان)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
    المصدر : موقع الألوكة

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد..
    روى الإمام أحمد في مسنده من حديث كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلـم قال: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ، بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ»[1].


    هذا الحديث الشريف شرحه الحافظ ابن رجب في رسالة لطيفة بعنوان (ذم المال والجاه)، وقد نقلت من كلامه ما تيسر لي في هذه الكلمة.

    فهذا مثل عظيم جدًّا ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لفساد دين المؤمن بالحرص على المال والشرف في الدنيا، وأن فساد الدين بذلك ليس بدون فساد الغنم بذئبين ضاريين باتا في الغنم قد غاب عنها رعاتها ليلًا، فهما يأكلان الغنم ويفترسانها، ومعلوم أنه لا ينجو من الغنم من إفساد الذئبين المذكورين والحالة هذه قليل.

    فهذا المثل العظيم يتضمن غاية التحذير من شر الحرص على المال والشرف في الدنيا.

    والحرص على المال نوعان: أحدهما: شدة محبة المال مع شدة طلبه من وجوهه المباحة، والمبالغة في طلبه، والجد في تحصيله واكتسابه من وجوهه مع الجهد والمشقة، فالحريص يضيع زمانه الشريف، ويخاطر بنفسه في الأسفار وركوب الأخطار لجمع مال ينتفع به غيره، ويبقى حسابه عليه، فيجمع لمن لا يحمده، ويقدم على من لا يعذره، قال الشاعر:
    وَمَنْ يُنْفِقِ الأَيَّامَ فِي جَمْعِ مَالِهِ
    مَخَافَةَ فَقْرٍ فَالَّذِي فَعَلَ الفَقْرُ
    وَلَا تَحْسَبَنَّ الفَقْرَ فَقْراً مِنَ الغِنَى
    وَلَكِنَّ فَقْرَ الدِّينِ مِنْ أَعْظَمِ الفَقْرِ

    النوع الثاني من الحرص على المال: أن يزيد على ما سبق ذكره في النوع الأول، حتى يطلب المال من الوجوه المحرمة، ويمنع الحقوق الواجبة، فهذا من الشح المذموم، قال تعالى: ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾ [الحشر:9].

    وفي سنن أبي داود من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالشُّحِّ، أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا»[2].

    قال طائفة من العلماء: الشح هو الحرص الشديد الذي يحمل صاحبه على أن يأخذ الأشياء من غير حلها، ويمنعها حقوقها، وحقيقته أن تتشوف النفس إلى ما حرم الله، ومنع منه، وأن لا يقنع الإنسان بما أحل الله له من مال، أو فرج، أو غيرهما.

    وأما حرص المرء على الشرف، فهو أشد هلاكًا من الحرص على المال، فإن طلب شرف الدنيا والرفعة فيها، والرياسة على الناس، والعلو في الأرض، أضر على العبد من طلب المال وضرره أعظم، والزهد فيه أصعب، فإن المال يبذل في طلب الرياسة والشرف، وهو قسمان:
    أحدهما: طلب الشرف بالولاية، والسلطان، والمال، وهذا خطر جدًّا، وهو في الغالب يمنع خير الآخرة وشرفها، وكرامتها، وعزها، قال تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين﴾ [القصص:83]. وقل من حرص على رياسة الدنيا بطلب الولايات أن يوفق، بل يوكل إلى نفسه كما قال النبي صلى الله عليه وسلـم لعبد الرحمن بن سمرة: «لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ، فَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا»[3].

    والحرص على الشرف بطلب الولايات يستلزم ضررًا عظيمًا قبل وقوعه في السعي في أسبابه، وبعد وقوعه بالخطر العظيم الذي يقع فيه صاحب الولاية من الظلم والتكبر.. وغير ذلك من المفاسد، ومن هذا الباب أيضًا أن يحب ذو الشرف والولاية أن يُحمد على أفعاله ويُثني عليها، ويطلب من الناس ذلك ويتسبب في أذى من لا يجيبه إليه، وربما أظهر أمرًا حسنًا في الظاهر وأحب المدح عليه، وقصد به في الباطن شرًّا.

    النوع الثاني: من الحرص على الجاه: طلب الشرف والعلو على الناس بالأمور الدينية كالعلم، والعمل، والزهد، فهذا أفحش من الأول وأقبح وأشد فسادًا وخطرًا، فإن العلم والعمل والزهد إنما يُطلب بها ما عند الله من الدرجات العلى والنعيم المقيم، والقرب منه، والزلفى لديه. قال الثوري: إنما فضل العلم لأنه يُتقى به الله، وإلا كان كسائر الأشياء.

    وطلب العلم للدنيا على نوعين: فإذا طلب بشيء من هذا عرض الدنيا الفاني، فهو أيضًا نوعان أحدهما:
    الأول: أن يطلب به المال، فهذا من نوع الحرص على المال وطلبه بالأسباب المحرمة. روى أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - يَعْنِي رِيحَهَا -»[4].

    الثاني: من يطلب بالعمل، والعلم، والزهد، الرئاسة على الخلق والتعاظم عليهم، وأن ينقاد الخلق ويخضعوا له ويصرفوا وجوههم إليه، وأن يظهر للناس زيادة علمه على العلماء، أو ليعلوا به عليهم ونحو ذلك، فهذا وعيده النار لأن قصده التكبر على الخلق في نفسه محرم، فإذا استعمل فيه آلة الآخرة، كان أقبح وأفحش من أن يستعمل فيه آلات الدنيا من المال والسلطان. روى الترمذي في سننه من حديث كعب بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلـم قال: «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ»[5].

    ومن هذا الباب كراهة أن يشعر الإنسان بالعلم، والزهد، والدين، أو بإظهار الأعمال والأقوال حتى يراد وتلتمس بركته ودعاؤه وتقبَّل يده، وهو محب لذلك ويقيم عليه ويفرح به ويسعى في أسبابه، ومن هنا كان السلف الصالح يكرهون الشهرة غاية الكراهة، منهم: أيوب، والنخعي، وسفيان وأحمد،.. وغيرهم، كان أويس وغيره من الزهاد إذا عُرفوا في مكان ارتحلوا عنه، وكان خالد بن معدان إذا كثرت حلقته قام مخافة الشهرة، وقال الإمام أحمد بن حنبل: أريد أن أكون في شعب بمكة حتى لا أُعرف قد بليت بالشهرة، وكان كثير منهم يكره أن يُطلب منه الدعاء ويقول لمن يسأله الدعاء: أي شيء أنا؟ وكتب رجل إلى أحمد يسأله الدعاء، فقال أحمد: إذا دعونا نحن لهذا، فمن يدعو لنا».

    وأما تسابق وتنافس بعض الناس على الظهور الإعلامي سواء كان في القنوات، أو شبكات التواصل، أو غيرها من الوسائل وحب التكاثر في أعداد المتابعين والحرص على ذلك، فإنه يخشى على صاحبه مما سبق ذكره عن السلف.

    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    [1] (25 /62) برقم 15784، وقال محققوه: إسناده صحيح.
    [2] برقم 1698، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1 /318) برقم 1489.
    [3] صحيح البخاري برقم 6622، وصحيح مسلم برقم 1652.
    [4] برقم (3664)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2 /697) برقم (3112).
    [5] برقم 2654، وحسنه الشيخ الألباني في مشكاة المصابيح (1 /77) برقم 225


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/85121/#ixzz4iK6hmNjd

    شرح حديث (ما ذئبان جائعان)

    شرح حديث :(ما ذئبان جائعان)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
    المصدر : موقع الألوكة

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد..
    روى الإمام أحمد في مسنده من حديث كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلـم قال: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ، بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ»[1].


    هذا الحديث الشريف شرحه الحافظ ابن رجب في رسالة لطيفة بعنوان (ذم المال والجاه)، وقد نقلت من كلامه ما تيسر لي في هذه الكلمة.

    فهذا مثل عظيم جدًّا ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لفساد دين المؤمن بالحرص على المال والشرف في الدنيا، وأن فساد الدين بذلك ليس بدون فساد الغنم بذئبين ضاريين باتا في الغنم قد غاب عنها رعاتها ليلًا، فهما يأكلان الغنم ويفترسانها، ومعلوم أنه لا ينجو من الغنم من إفساد الذئبين المذكورين والحالة هذه قليل.

    فهذا المثل العظيم يتضمن غاية التحذير من شر الحرص على المال والشرف في الدنيا.

    والحرص على المال نوعان: أحدهما: شدة محبة المال مع شدة طلبه من وجوهه المباحة، والمبالغة في طلبه، والجد في تحصيله واكتسابه من وجوهه مع الجهد والمشقة، فالحريص يضيع زمانه الشريف، ويخاطر بنفسه في الأسفار وركوب الأخطار لجمع مال ينتفع به غيره، ويبقى حسابه عليه، فيجمع لمن لا يحمده، ويقدم على من لا يعذره، قال الشاعر:
    وَمَنْ يُنْفِقِ الأَيَّامَ فِي جَمْعِ مَالِهِ
    مَخَافَةَ فَقْرٍ فَالَّذِي فَعَلَ الفَقْرُ
    وَلَا تَحْسَبَنَّ الفَقْرَ فَقْراً مِنَ الغِنَى
    وَلَكِنَّ فَقْرَ الدِّينِ مِنْ أَعْظَمِ الفَقْرِ

    النوع الثاني من الحرص على المال: أن يزيد على ما سبق ذكره في النوع الأول، حتى يطلب المال من الوجوه المحرمة، ويمنع الحقوق الواجبة، فهذا من الشح المذموم، قال تعالى: ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾ [الحشر:9].

    وفي سنن أبي داود من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالشُّحِّ، أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا»[2].

    قال طائفة من العلماء: الشح هو الحرص الشديد الذي يحمل صاحبه على أن يأخذ الأشياء من غير حلها، ويمنعها حقوقها، وحقيقته أن تتشوف النفس إلى ما حرم الله، ومنع منه، وأن لا يقنع الإنسان بما أحل الله له من مال، أو فرج، أو غيرهما.

    وأما حرص المرء على الشرف، فهو أشد هلاكًا من الحرص على المال، فإن طلب شرف الدنيا والرفعة فيها، والرياسة على الناس، والعلو في الأرض، أضر على العبد من طلب المال وضرره أعظم، والزهد فيه أصعب، فإن المال يبذل في طلب الرياسة والشرف، وهو قسمان:
    أحدهما: طلب الشرف بالولاية، والسلطان، والمال، وهذا خطر جدًّا، وهو في الغالب يمنع خير الآخرة وشرفها، وكرامتها، وعزها، قال تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين﴾ [القصص:83]. وقل من حرص على رياسة الدنيا بطلب الولايات أن يوفق، بل يوكل إلى نفسه كما قال النبي صلى الله عليه وسلـم لعبد الرحمن بن سمرة: «لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ، فَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا»[3].

    والحرص على الشرف بطلب الولايات يستلزم ضررًا عظيمًا قبل وقوعه في السعي في أسبابه، وبعد وقوعه بالخطر العظيم الذي يقع فيه صاحب الولاية من الظلم والتكبر.. وغير ذلك من المفاسد، ومن هذا الباب أيضًا أن يحب ذو الشرف والولاية أن يُحمد على أفعاله ويُثني عليها، ويطلب من الناس ذلك ويتسبب في أذى من لا يجيبه إليه، وربما أظهر أمرًا حسنًا في الظاهر وأحب المدح عليه، وقصد به في الباطن شرًّا.

    النوع الثاني: من الحرص على الجاه: طلب الشرف والعلو على الناس بالأمور الدينية كالعلم، والعمل، والزهد، فهذا أفحش من الأول وأقبح وأشد فسادًا وخطرًا، فإن العلم والعمل والزهد إنما يُطلب بها ما عند الله من الدرجات العلى والنعيم المقيم، والقرب منه، والزلفى لديه. قال الثوري: إنما فضل العلم لأنه يُتقى به الله، وإلا كان كسائر الأشياء.

    وطلب العلم للدنيا على نوعين: فإذا طلب بشيء من هذا عرض الدنيا الفاني، فهو أيضًا نوعان أحدهما:
    الأول: أن يطلب به المال، فهذا من نوع الحرص على المال وطلبه بالأسباب المحرمة. روى أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - يَعْنِي رِيحَهَا -»[4].

    الثاني: من يطلب بالعمل، والعلم، والزهد، الرئاسة على الخلق والتعاظم عليهم، وأن ينقاد الخلق ويخضعوا له ويصرفوا وجوههم إليه، وأن يظهر للناس زيادة علمه على العلماء، أو ليعلوا به عليهم ونحو ذلك، فهذا وعيده النار لأن قصده التكبر على الخلق في نفسه محرم، فإذا استعمل فيه آلة الآخرة، كان أقبح وأفحش من أن يستعمل فيه آلات الدنيا من المال والسلطان. روى الترمذي في سننه من حديث كعب بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلـم قال: «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ»[5].

    ومن هذا الباب كراهة أن يشعر الإنسان بالعلم، والزهد، والدين، أو بإظهار الأعمال والأقوال حتى يراد وتلتمس بركته ودعاؤه وتقبَّل يده، وهو محب لذلك ويقيم عليه ويفرح به ويسعى في أسبابه، ومن هنا كان السلف الصالح يكرهون الشهرة غاية الكراهة، منهم: أيوب، والنخعي، وسفيان وأحمد،.. وغيرهم، كان أويس وغيره من الزهاد إذا عُرفوا في مكان ارتحلوا عنه، وكان خالد بن معدان إذا كثرت حلقته قام مخافة الشهرة، وقال الإمام أحمد بن حنبل: أريد أن أكون في شعب بمكة حتى لا أُعرف قد بليت بالشهرة، وكان كثير منهم يكره أن يُطلب منه الدعاء ويقول لمن يسأله الدعاء: أي شيء أنا؟ وكتب رجل إلى أحمد يسأله الدعاء، فقال أحمد: إذا دعونا نحن لهذا، فمن يدعو لنا».

    وأما تسابق وتنافس بعض الناس على الظهور الإعلامي سواء كان في القنوات، أو شبكات التواصل، أو غيرها من الوسائل وحب التكاثر في أعداد المتابعين والحرص على ذلك، فإنه يخشى على صاحبه مما سبق ذكره عن السلف.

    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    [1] (25 /62) برقم 15784، وقال محققوه: إسناده صحيح.
    [2] برقم 1698، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1 /318) برقم 1489.
    [3] صحيح البخاري برقم 6622، وصحيح مسلم برقم 1652.
    [4] برقم (3664)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2 /697) برقم (3112).
    [5] برقم 2654، وحسنه الشيخ الألباني في مشكاة المصابيح (1 /77) برقم 225


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/85121/#ixzz4iK6hmNjd

    شرح حديث: (إنها ستكون فتن)
    المصدر : موقع الالوكة

    إنَّ الحمد لله تعالى، نَحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يَهْد الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحْده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

    أما بعد:
    فسأقوم في هذا المقال بجمع شرح لحديث: ((إنها ستكون فتن))، معتمِدًا على قول كِبار شُرَّاح الحديث.



    أولاً: نصُّ الحديث:
    قال الإمام مسلم - رحمه الله -: حدَّثني أبو كامل الجَحدَري فضيل بن حسين، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا عثمان الشَّحَّام، قال: انطلَقتُ أنا وفَرقَد السَّبَخِي إلى مسلم بن أبي بَكرة وهو في أرضه، فدخلنا عليه فقلنا: هل سمعت أباك يحدِّث في الفتن حديثًا؟ قال: نعم، سمعت أبا بكرة يحدِّث، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنها ستكون فتن، ألا ثم تكون فتنة القاعدُ فيها خيرٌ من الماشي فيها، والماشي فيها خير من الساعي إليها، ألا فإذا نزلت أو وقَعت، فمن كان له إبل فليَلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليَلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه))، قال: فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟ قال: ((يَعمِد إلى سيفه فيَدقُّ على حده بحجر، ثم لينجُ إن استطاع النَّجاء، اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟)) قال: فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت إن أُكرِهت حتى ينطلَق بي إلى أحد الصَّفين، أو إحدى الفئتين، فضرَبني رجل بسيفه، أو يجيء سهمٌ فيقتلني؟ قال: ((يبوء بإثمه وإثمِك، ويكون من أصحاب النار))؛ أخرَجه مسلم.

    مقتَطفات من الشروح:
    يقول محمد فؤاد عبدالباقي: "((يَعمِد إلى سيفه، فيَدق على حدِّه بحجر)): قيل: المراد كسر السيف حقيقة على ظاهر الحديث؛ ليَسُدَّ على نفسه باب هذا القتال، وقيل: هو مجاز، والمراد به ترْك القتال، والأول أصح، ((يَبوء بإثمه وإثمك)): معنى (يبوء بإثمه): يَلزَمه ويرجِع به ويتحمَّله؛ أي: يبوء الذي أكرَهك بإثمه في إكراهك وفي دخوله في الفتنة، وبإثمك في قتلِك غيره.

    قال أهل اللغة: أصل الفتنة في كلام العرب الابتلاء والامتحان والاختبار؛ قال القاضي: ثم صارت في عُرف الكلام لكل أمرٍ كشَفه الاختبار عن سوء؛ قال أبو زيد: فتِن الرجل يُفتَن فتونًا: إذا وقَع في الفتنة، وتحوَّل من حال حسنة إلى سيئة".

    قال ابن حجر في الفتح: "قال الراغب: أصل الفِتَن إدخال الذهب في النار؛ لتظهر جودته من رداءته، ويُستعمَل في إدخال الإنسان النار، ويُطلَق على العذاب كقوله: ﴿ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ ﴾ [الذاريات: 14]، وعلى ما يَحصُل عند العذاب كقوله تعالى: ﴿ أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ﴾ [التوبة: 49]، وعلى الاختبار كقوله: ﴿ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا ﴾ [طه: 40]، وفيما يُدفَع إليه الإنسان من شدة ورخاء، وفي الشدة أظهر معنى وأكثر استعمالاً؛ قال تعالى: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ [الأنبياء: 35]، ومنه قوله: ﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ﴾ [الإسراء: 73]؛ أي: يوقِعونك في بَليَّة وشدة في صرْفك عن العمل بما أُوحي إليك، وقال أيضًا: الفتنة تكون من الأفعال الصادرة من الله ومن العبد؛ كالبَليَّة والمصيبة والقتل والعذاب والمعصية وغيرها من المكروهات، فإن كانت من الله، فهي على وجه الحكمة، وإن كانت من الإنسان بغير أمْر الله، فهي مذمومة؛ فقد ذمَّ الله الإنسان بإيقاع الفتنة كقوله: ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ [البقرة: 191]، وقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [البروج: 10]، وقوله: ﴿ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ ﴾ [الصافات: 162]، وقوله: ﴿ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ ﴾ [القلم: 6]، وكقوله: ﴿ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ ﴾ [المائدة: 49]، وقال غيره: أصل الفتنة الاختبار، ثم استُعمِلت فيما أخرَجته المحنة والاختبار إلى المكروه، ثم أُطلِقت على كل مكروه أو آيل إليه؛ كالكفر، والإثم، والتحريق، والفضيحة، والفجور وغير ذلك".

    قال النووي: "قوله: (أرأيتَ إن أُكرَهتُ حتى يُنطلَق بي إلى أحد الصفين، فضرَبني رجل بسيفه أو يجيء سهم فيَقتلني؟)، قال: ((يبوء بإثمه وإثمك، ويكون من أصحاب النار)): معنى يبوء به: يَلزَمه ويرجِع به ويتحمله؛ أي: يبوء الذي أكرَهَك بإثمه في إكراهِك وفي دخوله في الفتنة، وبإثمك في قتلك غيره، ((ويكون من أصحاب النار))؛ أي: مستحقًّا لها، وفي هذا الحديث رفْع الإثم عن المُكره على الحضور هناك، وأمَّا القتل، فلا يُباح بالإكراه، بل يأثَم المُكرَه على المأمور به بالإجماع، وقد نقَل القاضي وغيره فيه الإجماع".

    قال أبو الحسن نور الدين الملا الهروي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح": "((إنها))؛ أي: القصة (ستكون) أي: ستوجد وتحدُث وتقع فِتن، ((ألا)): للتنبيه ((ثم تكون فتنة))؛ أي: عظيمة، وفي بعض النُّسخ المصحَّحة: ((ألا ثم تكون فتن)) بصيغة الجمع، ثم بعده: ((ألا ثم تكون فتنة)) بصيغة الوَحدة.

    قال الطيبي - رحمه الله -: فيه ثلاث مُبالَغات، أُقحِم حرف التنبيه بين المعطوف والمعطوف عليه؛ لمزيد التنبيه لها، وعطْف بثُم؛ لتراخي مرتبة هذه الفتنة الخاصة؛ تنبيهًا على عِظمها، وهو لها على أنه من عطْف الخاص على العام؛ لاختِصاصها بما يُفارِقها من سائر أشكالها، وأنها كالداهية الدهياء، نسأل الله العافية منها بفضله وعميم طَوله.

    ((القاعد فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي إليها))؛ أي: يجعلها غاية سعيه، ومُنتهى غرَضه، لا يرى مَطلبًا غيرها و(لام) الغرض و(إلى) الغاية مُتقارِبان معنى، فحينئذٍ يستقيم التدرُّج والترقي من الماشي فيها إلى الساعي إليها.

    ((ألا)): للتنبيه زيادة للتأكيد ((فإذا وقَعت))؛ أي: الفِتَن أو تلك الفتنة ((فمن كان له إبل))؛ أي: في البَرِّيَّة ((فليَلحَق بإبله، ومن كان له غنم، فليَلحَق بغنمه، ومن كانت له أرض))؛ أي: عقار أو مزرعة بعيدة عن الخلق، ((فليَلحق بأرضه))؛ فإن الاعتزال والاشتِغال بخويصة الحال حينئذٍ واجبٌ؛ لوقوع عموم الفتنة العمياء بين الرجال، كما قال الشاعر:
    إنَّ السَّلامةَ من ليلى وجارتِها
    ألاَّ تمرَّ على حالٍ بِوَادِيهَا

    (فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت)؛ أي: أخبِرني، (من لم تكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟)؛ أي: فأين يذهَب أو كيف يفعل؟ (قال: ((يَعمِد))، بكسر الميم؛ أي: يَقصِد ((إلى سيفه))؛ أي: إن كان له، ((فيَدقُّ على حده))؛ أي: فيَضرب على جانب سيفه الحاد، ((بحجر))، والمعنى: فليَكسِر سلاحه؛ كيلا يذهب به إلى الحرب؛ لأن تلك الحروب بين المسلمين، فلا يجوز حضورُها، ((ثم ليَنْجُ))، بكسر اللام ويُسكَّن، وبفتح الياء وسكون النون وضمِّ الجيم، أي: ليَفِر ويُسرِع هربًا؛ حتى لا تُصيبه الفِتنة، ((إن استطاع النجاء)) بفتح النون والمد؛ أي: الإسراع، قال الطيبِي - رحمه الله - قوله: يَعمِد.. إلخ: عبارة عن تجرُّده تجرُّدًا تامًّا، كأنه قيل: من لم يكن له ما يَشتغِل به من مهامه، فليَنجُ برأسه ا. هـ.

    ((اللهم))؛ أي: قال - صلى الله تعالى عليه وسلم - بعد ذِكر هذه الفتن والتحذير عن الوقوع في مَحنِ ذلك الزمن: ((اللهم))؛ أي: يا ألله ((هل بلَّغت؟))؛ أي: قد بلَّغتُ إلى عبادك ما أمَرتني به أن أبلِّغه إياهم (ثلاثًا): مصدر للفعل المقدَّر؛ أي: قاله ثلاث مرات، (فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت)؛ أي: أخبِرني (إن أُكرِهت)؛ أي: أُخِذت بالكُره وأُجبِرت (حتى يُنطلَق) بصيغة المجهول؛ أي: يُذهَب (بي إلى أحد الصفَّينِ)؛ أي: صفَّي المتخاصمين، (فضربني رجل بسيفه) (أو): للتنويع (يجيء سهم) بصيغة المضارع عطفًا على الماضي، (فيَقتلني؟): الظاهر أنه تفريع على الأخير والإسناد مجازي، ويُحتمل أن يشتمل أيضًا على الأول، فتأمَّل، والمعنى: فما حُكْم القاتل والمقتول؟ (قال: ((يبوء))؛ أي: يرجِع القاتل، وقيل: المُكْره ((بإثمه))؛ أي: بعقوبة ما فعَله من قبلُ عمومًا، ((وإثمك))؛ أي: وبعقوبة قتْله إياك خصوصًا، أو المراد بإثمه قصْده القتل، وبإثمك لو مدَدت يدك إليه، أو المراد بإثمك سيئاتك التي فعَلتها بأن توضَع في رقبة القاتل بعد فقْدِ حسناته على ما ورَد، ((ويكون))؛ أي: هو ((من أصحاب النار))؛ قال تعالى: ﴿ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ ﴾ [المائدة: 49]".

    يُستفاد من هذ الحديث كما يقول الدكتور وجيه الشيمي:
    أ- بيان عِظَم خطر الفتن، والحث على تجنُّبها والهرب منها.
    ب- بيان عظم جُرم من اعتدى على أخيه المسلم بالسيف.

    وأرى أن أكبر استفادة قد نِلْناها من هذا الحديث هي: معرفة مدى خوف النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا ورحمته بنا؛ لذا يُحذِّرنا من التعرض والوقوع في الفتن، ويصِف لنا العلاج الناجع لتجنُّب الفتن، وكيف لا وهو مَن أرسله ربُّه رحمة للعالمين؟!


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/83987/#ixzz4iK4Wp2FM

    شرح حديث: (إنها ستكون فتن)

    شرح حديث: (إنها ستكون فتن)
    المصدر : موقع الالوكة

    إنَّ الحمد لله تعالى، نَحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يَهْد الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحْده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

    أما بعد:
    فسأقوم في هذا المقال بجمع شرح لحديث: ((إنها ستكون فتن))، معتمِدًا على قول كِبار شُرَّاح الحديث.



    أولاً: نصُّ الحديث:
    قال الإمام مسلم - رحمه الله -: حدَّثني أبو كامل الجَحدَري فضيل بن حسين، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا عثمان الشَّحَّام، قال: انطلَقتُ أنا وفَرقَد السَّبَخِي إلى مسلم بن أبي بَكرة وهو في أرضه، فدخلنا عليه فقلنا: هل سمعت أباك يحدِّث في الفتن حديثًا؟ قال: نعم، سمعت أبا بكرة يحدِّث، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنها ستكون فتن، ألا ثم تكون فتنة القاعدُ فيها خيرٌ من الماشي فيها، والماشي فيها خير من الساعي إليها، ألا فإذا نزلت أو وقَعت، فمن كان له إبل فليَلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليَلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه))، قال: فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟ قال: ((يَعمِد إلى سيفه فيَدقُّ على حده بحجر، ثم لينجُ إن استطاع النَّجاء، اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟)) قال: فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت إن أُكرِهت حتى ينطلَق بي إلى أحد الصَّفين، أو إحدى الفئتين، فضرَبني رجل بسيفه، أو يجيء سهمٌ فيقتلني؟ قال: ((يبوء بإثمه وإثمِك، ويكون من أصحاب النار))؛ أخرَجه مسلم.

    مقتَطفات من الشروح:
    يقول محمد فؤاد عبدالباقي: "((يَعمِد إلى سيفه، فيَدق على حدِّه بحجر)): قيل: المراد كسر السيف حقيقة على ظاهر الحديث؛ ليَسُدَّ على نفسه باب هذا القتال، وقيل: هو مجاز، والمراد به ترْك القتال، والأول أصح، ((يَبوء بإثمه وإثمك)): معنى (يبوء بإثمه): يَلزَمه ويرجِع به ويتحمَّله؛ أي: يبوء الذي أكرَهك بإثمه في إكراهك وفي دخوله في الفتنة، وبإثمك في قتلِك غيره.

    قال أهل اللغة: أصل الفتنة في كلام العرب الابتلاء والامتحان والاختبار؛ قال القاضي: ثم صارت في عُرف الكلام لكل أمرٍ كشَفه الاختبار عن سوء؛ قال أبو زيد: فتِن الرجل يُفتَن فتونًا: إذا وقَع في الفتنة، وتحوَّل من حال حسنة إلى سيئة".

    قال ابن حجر في الفتح: "قال الراغب: أصل الفِتَن إدخال الذهب في النار؛ لتظهر جودته من رداءته، ويُستعمَل في إدخال الإنسان النار، ويُطلَق على العذاب كقوله: ﴿ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ ﴾ [الذاريات: 14]، وعلى ما يَحصُل عند العذاب كقوله تعالى: ﴿ أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ﴾ [التوبة: 49]، وعلى الاختبار كقوله: ﴿ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا ﴾ [طه: 40]، وفيما يُدفَع إليه الإنسان من شدة ورخاء، وفي الشدة أظهر معنى وأكثر استعمالاً؛ قال تعالى: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ [الأنبياء: 35]، ومنه قوله: ﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ﴾ [الإسراء: 73]؛ أي: يوقِعونك في بَليَّة وشدة في صرْفك عن العمل بما أُوحي إليك، وقال أيضًا: الفتنة تكون من الأفعال الصادرة من الله ومن العبد؛ كالبَليَّة والمصيبة والقتل والعذاب والمعصية وغيرها من المكروهات، فإن كانت من الله، فهي على وجه الحكمة، وإن كانت من الإنسان بغير أمْر الله، فهي مذمومة؛ فقد ذمَّ الله الإنسان بإيقاع الفتنة كقوله: ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ [البقرة: 191]، وقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [البروج: 10]، وقوله: ﴿ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ ﴾ [الصافات: 162]، وقوله: ﴿ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ ﴾ [القلم: 6]، وكقوله: ﴿ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ ﴾ [المائدة: 49]، وقال غيره: أصل الفتنة الاختبار، ثم استُعمِلت فيما أخرَجته المحنة والاختبار إلى المكروه، ثم أُطلِقت على كل مكروه أو آيل إليه؛ كالكفر، والإثم، والتحريق، والفضيحة، والفجور وغير ذلك".

    قال النووي: "قوله: (أرأيتَ إن أُكرَهتُ حتى يُنطلَق بي إلى أحد الصفين، فضرَبني رجل بسيفه أو يجيء سهم فيَقتلني؟)، قال: ((يبوء بإثمه وإثمك، ويكون من أصحاب النار)): معنى يبوء به: يَلزَمه ويرجِع به ويتحمله؛ أي: يبوء الذي أكرَهَك بإثمه في إكراهِك وفي دخوله في الفتنة، وبإثمك في قتلك غيره، ((ويكون من أصحاب النار))؛ أي: مستحقًّا لها، وفي هذا الحديث رفْع الإثم عن المُكره على الحضور هناك، وأمَّا القتل، فلا يُباح بالإكراه، بل يأثَم المُكرَه على المأمور به بالإجماع، وقد نقَل القاضي وغيره فيه الإجماع".

    قال أبو الحسن نور الدين الملا الهروي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح": "((إنها))؛ أي: القصة (ستكون) أي: ستوجد وتحدُث وتقع فِتن، ((ألا)): للتنبيه ((ثم تكون فتنة))؛ أي: عظيمة، وفي بعض النُّسخ المصحَّحة: ((ألا ثم تكون فتن)) بصيغة الجمع، ثم بعده: ((ألا ثم تكون فتنة)) بصيغة الوَحدة.

    قال الطيبي - رحمه الله -: فيه ثلاث مُبالَغات، أُقحِم حرف التنبيه بين المعطوف والمعطوف عليه؛ لمزيد التنبيه لها، وعطْف بثُم؛ لتراخي مرتبة هذه الفتنة الخاصة؛ تنبيهًا على عِظمها، وهو لها على أنه من عطْف الخاص على العام؛ لاختِصاصها بما يُفارِقها من سائر أشكالها، وأنها كالداهية الدهياء، نسأل الله العافية منها بفضله وعميم طَوله.

    ((القاعد فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي إليها))؛ أي: يجعلها غاية سعيه، ومُنتهى غرَضه، لا يرى مَطلبًا غيرها و(لام) الغرض و(إلى) الغاية مُتقارِبان معنى، فحينئذٍ يستقيم التدرُّج والترقي من الماشي فيها إلى الساعي إليها.

    ((ألا)): للتنبيه زيادة للتأكيد ((فإذا وقَعت))؛ أي: الفِتَن أو تلك الفتنة ((فمن كان له إبل))؛ أي: في البَرِّيَّة ((فليَلحَق بإبله، ومن كان له غنم، فليَلحَق بغنمه، ومن كانت له أرض))؛ أي: عقار أو مزرعة بعيدة عن الخلق، ((فليَلحق بأرضه))؛ فإن الاعتزال والاشتِغال بخويصة الحال حينئذٍ واجبٌ؛ لوقوع عموم الفتنة العمياء بين الرجال، كما قال الشاعر:
    إنَّ السَّلامةَ من ليلى وجارتِها
    ألاَّ تمرَّ على حالٍ بِوَادِيهَا

    (فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت)؛ أي: أخبِرني، (من لم تكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟)؛ أي: فأين يذهَب أو كيف يفعل؟ (قال: ((يَعمِد))، بكسر الميم؛ أي: يَقصِد ((إلى سيفه))؛ أي: إن كان له، ((فيَدقُّ على حده))؛ أي: فيَضرب على جانب سيفه الحاد، ((بحجر))، والمعنى: فليَكسِر سلاحه؛ كيلا يذهب به إلى الحرب؛ لأن تلك الحروب بين المسلمين، فلا يجوز حضورُها، ((ثم ليَنْجُ))، بكسر اللام ويُسكَّن، وبفتح الياء وسكون النون وضمِّ الجيم، أي: ليَفِر ويُسرِع هربًا؛ حتى لا تُصيبه الفِتنة، ((إن استطاع النجاء)) بفتح النون والمد؛ أي: الإسراع، قال الطيبِي - رحمه الله - قوله: يَعمِد.. إلخ: عبارة عن تجرُّده تجرُّدًا تامًّا، كأنه قيل: من لم يكن له ما يَشتغِل به من مهامه، فليَنجُ برأسه ا. هـ.

    ((اللهم))؛ أي: قال - صلى الله تعالى عليه وسلم - بعد ذِكر هذه الفتن والتحذير عن الوقوع في مَحنِ ذلك الزمن: ((اللهم))؛ أي: يا ألله ((هل بلَّغت؟))؛ أي: قد بلَّغتُ إلى عبادك ما أمَرتني به أن أبلِّغه إياهم (ثلاثًا): مصدر للفعل المقدَّر؛ أي: قاله ثلاث مرات، (فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت)؛ أي: أخبِرني (إن أُكرِهت)؛ أي: أُخِذت بالكُره وأُجبِرت (حتى يُنطلَق) بصيغة المجهول؛ أي: يُذهَب (بي إلى أحد الصفَّينِ)؛ أي: صفَّي المتخاصمين، (فضربني رجل بسيفه) (أو): للتنويع (يجيء سهم) بصيغة المضارع عطفًا على الماضي، (فيَقتلني؟): الظاهر أنه تفريع على الأخير والإسناد مجازي، ويُحتمل أن يشتمل أيضًا على الأول، فتأمَّل، والمعنى: فما حُكْم القاتل والمقتول؟ (قال: ((يبوء))؛ أي: يرجِع القاتل، وقيل: المُكْره ((بإثمه))؛ أي: بعقوبة ما فعَله من قبلُ عمومًا، ((وإثمك))؛ أي: وبعقوبة قتْله إياك خصوصًا، أو المراد بإثمه قصْده القتل، وبإثمك لو مدَدت يدك إليه، أو المراد بإثمك سيئاتك التي فعَلتها بأن توضَع في رقبة القاتل بعد فقْدِ حسناته على ما ورَد، ((ويكون))؛ أي: هو ((من أصحاب النار))؛ قال تعالى: ﴿ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ ﴾ [المائدة: 49]".

    يُستفاد من هذ الحديث كما يقول الدكتور وجيه الشيمي:
    أ- بيان عِظَم خطر الفتن، والحث على تجنُّبها والهرب منها.
    ب- بيان عظم جُرم من اعتدى على أخيه المسلم بالسيف.

    وأرى أن أكبر استفادة قد نِلْناها من هذا الحديث هي: معرفة مدى خوف النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا ورحمته بنا؛ لذا يُحذِّرنا من التعرض والوقوع في الفتن، ويصِف لنا العلاج الناجع لتجنُّب الفتن، وكيف لا وهو مَن أرسله ربُّه رحمة للعالمين؟!


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/83987/#ixzz4iK4Wp2FM

    شرح حديث: قد علمكم نبيكم كل شيء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
    المصدر : موقع الألوكة 

    شرح حديث: قد علمكم نبيكم كل شيء


    • عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى الْخِرَاءَةَ. قَالَ، فَقَالَ: أَجَلْ. لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، أوَ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِاليَمِينَ، أَوْ أَنْ نسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ. أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ. رواه مسلم.
    • وعن جَابِر رضي الله عنه قَالَ: نَهَىٰ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُتَمَسَّحَ بِعَظْمٍ أَوْ بِبَعَرٍ. (رواه مسلم).

    ألفاظ الأحاديث:
    • قيــل له: في الرواية الأخرى عند مسلم " قال لنا المشركون ".

    • (الْخِرَاءَة): بكسر الخاء، اسم لهيئة الحدث (أي أدب التخلي، والقعود لقضاء الحاجة)، وأما نفس الحدث فبحذف التاء المربوطة الخِراءُ وبالمد مع فتح الخاء أو كسرها.

    • (برَجِيعٍ) الرجيع: هو الروث أو العذرة، وسمي بذلك لأنه يرجع عن حاله الأولى بعد أن كان طعاماً أو علفاً.

    • (الاستنجاء): من النجو: وهو إزالة العذرة، وأكثر ما يستعمل لفظ الاستنجاء بالماء ويستعمل في الأحجار أيضاً كما في هذا الحديث.

    من فوائد الأحاديث:
    الفائدة الأولى: حديث سلمان - رضي الله عنه - دليل على النهي عن الاستنجاء باليمين من البول والغائط سواءً بالأحجار أو بالماء، وهل النهي للتحريم أو للكراهة؟
    القول الأول: أنه للكراهة وهو قول جمهور العلماء.
    والقول الثاني: أنه للتحريم، وهو قول بعض الظاهرية وبعض الشافعية.
    والأحوط ألا يستنجي المسلم بيمينه إلا إذا احتاج لذلك لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " وما نهيتكم عنه فاجتنبوه " متفق عليه، فإن احتاج لذلك كأن تكون اليسرى مشلولة أو بها جرح فلا بأس.

    الفائدة الثانية: في حديث سلمان - رضي الله عنه - النهي عن الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار، وهل يقوم مقامها حجر له ثلاثة شعب بأن يمسح به ثلاث مسحات؟

    على قولين والأظهر والله أعلم: أنه يكفي ثلاث مسحات ولو بحجر واحد لأن المقصود الإنقاء وهذا يحصل بثلاث مسحات وهو قول جمهور العلماء ولو استنجى بثلاثة أحجار فهو أفضل لظاهر الحديث وهل لا بد من الأحجار أو يجزئ غيرها مما يقوم مقامها كالخِرَق والخشب والمناديل ونحوها؟ على قولين، والأظهر والله أعلم: أنه يجزئ ما يقوم مقام الأحجار لأن المقصود التطهير وإنما نص الشارع على الأحجار لأنها أيسر وأسهل في الحصول عليها، وأيضاً نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الاستنجاء بالعظم والرجيع يدل على أن غيره مما لم يُنه عنه يجوز استعماله إذ لو كان الحجر مقصوداً بعينه لنُهِيَ عن غيره مطلقاً. وهو قول جمهور العلماء.

    الفائدة الثالثة: في الحديثين النهي عن الاستنجاء بالعظم و الرجيع، والعلة من ذلك ما جاء في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - في قصة ليلة الجن وفي الحديث أن الجن سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - الزاد فقال لهم: " لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحماً، وكل بعرة علف لدوابكم "فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم " وأيضاً مما يُنهي عن الاستنجاء به الطعام وهذا باتفاق الأئمة لأنه كفر بالنعمة وكذلك كل ماله حرمة كأوراق المصاحف وكتب العلم.

    وسيأتي في شرح الأحاديث القادمة مسألة استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة.

    مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الطهارة).


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/116665/#ixzz4iK1TYipW

    شرح حديث: قد علمكم نبيكم كل شيء

    شرح حديث: قد علمكم نبيكم كل شيء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
    المصدر : موقع الألوكة 

    شرح حديث: قد علمكم نبيكم كل شيء


    • عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى الْخِرَاءَةَ. قَالَ، فَقَالَ: أَجَلْ. لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، أوَ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِاليَمِينَ، أَوْ أَنْ نسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ. أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ. رواه مسلم.
    • وعن جَابِر رضي الله عنه قَالَ: نَهَىٰ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُتَمَسَّحَ بِعَظْمٍ أَوْ بِبَعَرٍ. (رواه مسلم).

    ألفاظ الأحاديث:
    • قيــل له: في الرواية الأخرى عند مسلم " قال لنا المشركون ".

    • (الْخِرَاءَة): بكسر الخاء، اسم لهيئة الحدث (أي أدب التخلي، والقعود لقضاء الحاجة)، وأما نفس الحدث فبحذف التاء المربوطة الخِراءُ وبالمد مع فتح الخاء أو كسرها.

    • (برَجِيعٍ) الرجيع: هو الروث أو العذرة، وسمي بذلك لأنه يرجع عن حاله الأولى بعد أن كان طعاماً أو علفاً.

    • (الاستنجاء): من النجو: وهو إزالة العذرة، وأكثر ما يستعمل لفظ الاستنجاء بالماء ويستعمل في الأحجار أيضاً كما في هذا الحديث.

    من فوائد الأحاديث:
    الفائدة الأولى: حديث سلمان - رضي الله عنه - دليل على النهي عن الاستنجاء باليمين من البول والغائط سواءً بالأحجار أو بالماء، وهل النهي للتحريم أو للكراهة؟
    القول الأول: أنه للكراهة وهو قول جمهور العلماء.
    والقول الثاني: أنه للتحريم، وهو قول بعض الظاهرية وبعض الشافعية.
    والأحوط ألا يستنجي المسلم بيمينه إلا إذا احتاج لذلك لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " وما نهيتكم عنه فاجتنبوه " متفق عليه، فإن احتاج لذلك كأن تكون اليسرى مشلولة أو بها جرح فلا بأس.

    الفائدة الثانية: في حديث سلمان - رضي الله عنه - النهي عن الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار، وهل يقوم مقامها حجر له ثلاثة شعب بأن يمسح به ثلاث مسحات؟

    على قولين والأظهر والله أعلم: أنه يكفي ثلاث مسحات ولو بحجر واحد لأن المقصود الإنقاء وهذا يحصل بثلاث مسحات وهو قول جمهور العلماء ولو استنجى بثلاثة أحجار فهو أفضل لظاهر الحديث وهل لا بد من الأحجار أو يجزئ غيرها مما يقوم مقامها كالخِرَق والخشب والمناديل ونحوها؟ على قولين، والأظهر والله أعلم: أنه يجزئ ما يقوم مقام الأحجار لأن المقصود التطهير وإنما نص الشارع على الأحجار لأنها أيسر وأسهل في الحصول عليها، وأيضاً نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الاستنجاء بالعظم والرجيع يدل على أن غيره مما لم يُنه عنه يجوز استعماله إذ لو كان الحجر مقصوداً بعينه لنُهِيَ عن غيره مطلقاً. وهو قول جمهور العلماء.

    الفائدة الثالثة: في الحديثين النهي عن الاستنجاء بالعظم و الرجيع، والعلة من ذلك ما جاء في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - في قصة ليلة الجن وفي الحديث أن الجن سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - الزاد فقال لهم: " لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحماً، وكل بعرة علف لدوابكم "فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم " وأيضاً مما يُنهي عن الاستنجاء به الطعام وهذا باتفاق الأئمة لأنه كفر بالنعمة وكذلك كل ماله حرمة كأوراق المصاحف وكتب العلم.

    وسيأتي في شرح الأحاديث القادمة مسألة استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة.

    مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الطهارة).


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/116665/#ixzz4iK1TYipW

    دروس تربوية من القرآن الكريم - (وصدّقت بكلمات ربها وكتبه) - د. محمد جابر القحطاني
    دروس تربوية من القرآن الكريم - (وصدّقت بكلمات ربها وكتبه) - د. محمد جابر القحطاني
    دروس تربوية من القرآن الكريم د. محمد بن جابر القحطاني تفريغ سمر الأرناؤوط – موقع إسلاميات الحلقة العاشرة: (وصدّقت بكلمات ربها وكتبه)

    بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين.
    الأم عندما تتوفر فيها الصفات الضرورية للمرأة المسلمة فإن لها الأثر البالغ على أبنائها في المستقبل وهذا ما ذكرناه سابقًا ونكمل المقومات التي لا بد أن تتوفر في الأم المسلمة وقد كان آخر ما ذكرنا أن الأم ينبغي أن تكون امرأة عفيفة حريصة جدا على عفتها وأن تكون متشبهة بمريم بنت عمران عليها السلام التي كان الوصف الأول لها في القرآن الكريم أنها أحصنت فرجها (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ ﴿٩١﴾ الأنبياء) كما ذكر في سورة الأنبياء وهذا لا شك له الأثر التربوي في صلاحها وفي عطائها وبنائها لأجيالها لأنها إذا كانت هي امرأة عفيفة محصنة لفرجها فإنها ستنقل هذا المبدأ العظيم لبناتها وتربي أولادها جميعًا على العفة والحياء والحشمة. من المقومات الضرورية التي ينبغي أن تتوفر في الأم المربية: الإيمان الراسخ واليقين الجازم بحقائق الإيمان وهذا ما ذكره الله عز وجلّ في أوصاف مريم أم مريم عليها السلام وعلى انبها الصلاة والسلام حيث قال عز وجلّ (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴿١٢﴾ التحريم). الإيمان والتصديق بما يجب الإيمان به والتصديق به أصل عظيم لا بد أن يتصف به كل مربٍّ على وجه العموم وخاصة الأم لأنها هي المربية الأولى. الإيمان الراسخ وقد وصف الله عز وجلّ الكمّل من عباده وأوليائه أنهم أهل إيمان راسخ كما قال الله عز وجلّ (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴿٢٨٥﴾ البقرة) فمريم من صفاتها المكملة لها التي جُعل هذا الوصف من أسباب الثناء عليها أنها مصدّقة تصديقا جازما بكلمات ربها التي إما أن تكون هذه الكلمات ما أوحي إلى ابنها عيسى عليه السلام التوراة أو ما سبق من الكتب المهم أنها مؤمنة مصدقة بكلمات ربها التي تكلم بها جلّ وعلا وكتبه التي أنزلها وهذا جزء من أجزاء الإيمان بالله. يمكن أن يستفاد من هذا أن الإيمان الراسخ والتربية الإيمانية وغرس العقائد في القلوب مقوّم مهم جدًا لا بد أن يتصف به كل مربٍّ من المربين فنحن نحتاج  إلى غرس الحقائق في قلوبنا ثم إنا إذا آمنا بالله وبكلماته وبكتبه آمنا بما فيها وصدقنا بما فيها لأن هذه الكتب أنزل الله عز وجلّ فيها النور والبرهان وأنزل فيها الهدى والبينات فكلما كان الإيمان بالكتب راسخًا والإيمان بكلمات الله متحققًا فإننا ولا شك سنعتقد بما فيها وننتفع بما ورد فيها فيكون لهذا الأثر البالغ علينا في ذواتنا وفي أنفسنا ثم في تربيتنا.  من آثار الإيمان بالله وكتبه أن نستمد القيم والمبادئ من هذه الكلمات ومن هذه الكتب لنقتنع بها في أنفسنا ولنغرسها في الأجيال التي نربيها وهذا من أهم ركائز التربية ولا نزال نعيد ونكرر أن التربية غرس قيم. من أين نستمد القيم؟ ما هي هذه القيم التي نأخذها لنغرسها نحن في أنفسنا ثم نغرسها في قلوب أبنائنا؟ لا بد وأن تكون مستمدة من الوحي، مستمدة من كلمات الله، مستمدة من كتب الله وخاصة نحن كمؤمنين كمسلمين مستمدة من كتاب ربنا جلّ وعلا. إذن على المرأة المسلمة الأم المربية أن تؤمن بكلام الله الذي أنزله، بكتاب الله الذي جاء به وأنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لا بد أن نؤمن إيمانًا يقينيًا بهذا الكتاب فنؤمن بأن كل ما فيه صدق وعدل وأن أحكامه عدل (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) [الأنعام: 115]. هذا هو أساس التربية كلما كان إيماننا بالله أعظم وتلقينا منه أكثر كان صلاحنا أفضل وأعظم وتربيتنا أقوم وأهدى سبيلا وهذا ما تميز به الرعيل الأول، لو نظرنا إلى الرعيل الأول الذي رُبي على يديّ النبي صلى الله عليه وسلم لوجدنا أن من أهم مقومات هذا المجتمع الصالح الذي بلغ الذروة في الكمال الإنساني من أسباب صلاحه أنه كان يتلقى قيمه  ومبادئه من الوحي من السماء هكذا صنع الله نبيه صلى الله عليه وسلم وربّاه وهكذا صنع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة، منهج التلقي، مصدر التلقي الوحي (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴿١﴾ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴿٢﴾ الأحزاب) أيتها الأمهات المربيات إذا أردتن أن يكون لكن أثر كبير في التربية وفي نجاح هذه العملية فلا بد أن يكون عندكن قيم تستمد من القرآن والسنة. ومن العجب ومن الغريب أن تنتظر من أم جاهلة بكتاب الله غير عارفة بما فيه أن تربي، هذا شيء عجيب ولا يمكن أن تنجح أم في التربية إلا إذا كانت وثيقة الصلة بكتاب الله قوية الإيمان بما فيه. وهذا يدفعنا إلى الحرص على تعليم الأمهات القرآن تعليما كاملا، تعليما لا كما يقال تحفيظا ففرق بين التحفيظ والحفظ والتعليم وقد جاء الوصف عن النبي صلى الله عليه وسلم عن تعلم القرآن بالتعليم "خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه" وتعليم القرآن وتعلمه يشمل تعلم ألفاظه وتعلم معانيه وتدبر آياته والاستنباط منه ثم تطبيقه بعد ذلك لأن هذا هو حقيقة التلاوة لكتاب الله تعالى. فمريم عليها السلام التي هي أم ومثال رائع للأمهات بل من الكاملات من النساء كان من أوصافها أنها صدقت بكلمات الله وكتبه وهذا التصديق مبني على علم مبني على تلقٍ حقيقي لا يمكن أن يتطرق إليه الشك بوجه من الوجوه لأن المؤمن بالشيء يتلقى منه ويصدق ما فيه ويعمل بمقتضاه وهذا تمام الإيمان لا يمكن للمرأة أن تكون مؤمنة إيمانًا حقيقيا وهي لا تعمل بمقتضاه ولا تعرف الحقائق التي تشمل عليها. وما أذكره في الحلقات مستمد من القرآن فعلى قدر ارتباط الأم بالقرآن وقربها منه وفهمها لحقائقه وتدبرها لآياته يكون نجاحها في التربية. فعلى الأمهات المربيات الصالحات المربيات أن يرتبطن بمصدر التربية الأول وهو القرآن الكريم إيمانًا به وتصديقا بما فيه وحسن تلقي لما جاء فيه حتى يكون عندها ثروة كبيرة جدا من القيم والمبادئ والتوجيهات الربانية التي تنقلها شيئا فشيئا فتربي عليها أبناءها وتعلمهم هدي القرآن وما اشتمل عليه القرآن وحقائق القرآن تغرسها شيئا فشيئا حتى تصل إلى يقينيات وحقائق لا تتزعزع لا يمكن أن يشك بها الابن الذي تربى على القرآن الكريم فما أعظم الأم المربية التي ارتبطت بكلمات ربها وصدقت بكلمات ربها وكتابه فآمنت بهذا الكتاب إيمانا حقيقيا جعلها تقرأه ترتله تفهمه تتدبر آياته تعمل بما فيه ثم تنقل هذا الذي تلقته جميعا كله إلى أبنائها وإلى أجيالها التي تربيهم بالقرآن فذكر بالقرآن من يخاف وعيد. نسأل الله جلّ وعلا أن يوفق نساء المسلمين للارتباط بكتاب ربهم والتمسك به وتدبر آياته إنه على كل شيء قدير والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

     رابط الحلقة:دروس تربوية من القرآن الكريم - (وصدّقت بكلمات ربها وكتبه) - د. محمد جابر القحطانيدروس تربوية من القرآن الكريم - (وصدّقت بكلمات ربها وكتبه) - د. محمد جابر القحطاني

    دروس تربوية من القرآن الكريم - (وصدّقت بكلمات ربها وكتبه)

    دروس تربوية من القرآن الكريم - (وصدّقت بكلمات ربها وكتبه) - د. محمد جابر القحطاني
    دروس تربوية من القرآن الكريم - (وصدّقت بكلمات ربها وكتبه) - د. محمد جابر القحطاني
    دروس تربوية من القرآن الكريم د. محمد بن جابر القحطاني تفريغ سمر الأرناؤوط – موقع إسلاميات الحلقة العاشرة: (وصدّقت بكلمات ربها وكتبه)

    بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين.
    الأم عندما تتوفر فيها الصفات الضرورية للمرأة المسلمة فإن لها الأثر البالغ على أبنائها في المستقبل وهذا ما ذكرناه سابقًا ونكمل المقومات التي لا بد أن تتوفر في الأم المسلمة وقد كان آخر ما ذكرنا أن الأم ينبغي أن تكون امرأة عفيفة حريصة جدا على عفتها وأن تكون متشبهة بمريم بنت عمران عليها السلام التي كان الوصف الأول لها في القرآن الكريم أنها أحصنت فرجها (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ ﴿٩١﴾ الأنبياء) كما ذكر في سورة الأنبياء وهذا لا شك له الأثر التربوي في صلاحها وفي عطائها وبنائها لأجيالها لأنها إذا كانت هي امرأة عفيفة محصنة لفرجها فإنها ستنقل هذا المبدأ العظيم لبناتها وتربي أولادها جميعًا على العفة والحياء والحشمة. من المقومات الضرورية التي ينبغي أن تتوفر في الأم المربية: الإيمان الراسخ واليقين الجازم بحقائق الإيمان وهذا ما ذكره الله عز وجلّ في أوصاف مريم أم مريم عليها السلام وعلى انبها الصلاة والسلام حيث قال عز وجلّ (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴿١٢﴾ التحريم). الإيمان والتصديق بما يجب الإيمان به والتصديق به أصل عظيم لا بد أن يتصف به كل مربٍّ على وجه العموم وخاصة الأم لأنها هي المربية الأولى. الإيمان الراسخ وقد وصف الله عز وجلّ الكمّل من عباده وأوليائه أنهم أهل إيمان راسخ كما قال الله عز وجلّ (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴿٢٨٥﴾ البقرة) فمريم من صفاتها المكملة لها التي جُعل هذا الوصف من أسباب الثناء عليها أنها مصدّقة تصديقا جازما بكلمات ربها التي إما أن تكون هذه الكلمات ما أوحي إلى ابنها عيسى عليه السلام التوراة أو ما سبق من الكتب المهم أنها مؤمنة مصدقة بكلمات ربها التي تكلم بها جلّ وعلا وكتبه التي أنزلها وهذا جزء من أجزاء الإيمان بالله. يمكن أن يستفاد من هذا أن الإيمان الراسخ والتربية الإيمانية وغرس العقائد في القلوب مقوّم مهم جدًا لا بد أن يتصف به كل مربٍّ من المربين فنحن نحتاج  إلى غرس الحقائق في قلوبنا ثم إنا إذا آمنا بالله وبكلماته وبكتبه آمنا بما فيها وصدقنا بما فيها لأن هذه الكتب أنزل الله عز وجلّ فيها النور والبرهان وأنزل فيها الهدى والبينات فكلما كان الإيمان بالكتب راسخًا والإيمان بكلمات الله متحققًا فإننا ولا شك سنعتقد بما فيها وننتفع بما ورد فيها فيكون لهذا الأثر البالغ علينا في ذواتنا وفي أنفسنا ثم في تربيتنا.  من آثار الإيمان بالله وكتبه أن نستمد القيم والمبادئ من هذه الكلمات ومن هذه الكتب لنقتنع بها في أنفسنا ولنغرسها في الأجيال التي نربيها وهذا من أهم ركائز التربية ولا نزال نعيد ونكرر أن التربية غرس قيم. من أين نستمد القيم؟ ما هي هذه القيم التي نأخذها لنغرسها نحن في أنفسنا ثم نغرسها في قلوب أبنائنا؟ لا بد وأن تكون مستمدة من الوحي، مستمدة من كلمات الله، مستمدة من كتب الله وخاصة نحن كمؤمنين كمسلمين مستمدة من كتاب ربنا جلّ وعلا. إذن على المرأة المسلمة الأم المربية أن تؤمن بكلام الله الذي أنزله، بكتاب الله الذي جاء به وأنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لا بد أن نؤمن إيمانًا يقينيًا بهذا الكتاب فنؤمن بأن كل ما فيه صدق وعدل وأن أحكامه عدل (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) [الأنعام: 115]. هذا هو أساس التربية كلما كان إيماننا بالله أعظم وتلقينا منه أكثر كان صلاحنا أفضل وأعظم وتربيتنا أقوم وأهدى سبيلا وهذا ما تميز به الرعيل الأول، لو نظرنا إلى الرعيل الأول الذي رُبي على يديّ النبي صلى الله عليه وسلم لوجدنا أن من أهم مقومات هذا المجتمع الصالح الذي بلغ الذروة في الكمال الإنساني من أسباب صلاحه أنه كان يتلقى قيمه  ومبادئه من الوحي من السماء هكذا صنع الله نبيه صلى الله عليه وسلم وربّاه وهكذا صنع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة، منهج التلقي، مصدر التلقي الوحي (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴿١﴾ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴿٢﴾ الأحزاب) أيتها الأمهات المربيات إذا أردتن أن يكون لكن أثر كبير في التربية وفي نجاح هذه العملية فلا بد أن يكون عندكن قيم تستمد من القرآن والسنة. ومن العجب ومن الغريب أن تنتظر من أم جاهلة بكتاب الله غير عارفة بما فيه أن تربي، هذا شيء عجيب ولا يمكن أن تنجح أم في التربية إلا إذا كانت وثيقة الصلة بكتاب الله قوية الإيمان بما فيه. وهذا يدفعنا إلى الحرص على تعليم الأمهات القرآن تعليما كاملا، تعليما لا كما يقال تحفيظا ففرق بين التحفيظ والحفظ والتعليم وقد جاء الوصف عن النبي صلى الله عليه وسلم عن تعلم القرآن بالتعليم "خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه" وتعليم القرآن وتعلمه يشمل تعلم ألفاظه وتعلم معانيه وتدبر آياته والاستنباط منه ثم تطبيقه بعد ذلك لأن هذا هو حقيقة التلاوة لكتاب الله تعالى. فمريم عليها السلام التي هي أم ومثال رائع للأمهات بل من الكاملات من النساء كان من أوصافها أنها صدقت بكلمات الله وكتبه وهذا التصديق مبني على علم مبني على تلقٍ حقيقي لا يمكن أن يتطرق إليه الشك بوجه من الوجوه لأن المؤمن بالشيء يتلقى منه ويصدق ما فيه ويعمل بمقتضاه وهذا تمام الإيمان لا يمكن للمرأة أن تكون مؤمنة إيمانًا حقيقيا وهي لا تعمل بمقتضاه ولا تعرف الحقائق التي تشمل عليها. وما أذكره في الحلقات مستمد من القرآن فعلى قدر ارتباط الأم بالقرآن وقربها منه وفهمها لحقائقه وتدبرها لآياته يكون نجاحها في التربية. فعلى الأمهات المربيات الصالحات المربيات أن يرتبطن بمصدر التربية الأول وهو القرآن الكريم إيمانًا به وتصديقا بما فيه وحسن تلقي لما جاء فيه حتى يكون عندها ثروة كبيرة جدا من القيم والمبادئ والتوجيهات الربانية التي تنقلها شيئا فشيئا فتربي عليها أبناءها وتعلمهم هدي القرآن وما اشتمل عليه القرآن وحقائق القرآن تغرسها شيئا فشيئا حتى تصل إلى يقينيات وحقائق لا تتزعزع لا يمكن أن يشك بها الابن الذي تربى على القرآن الكريم فما أعظم الأم المربية التي ارتبطت بكلمات ربها وصدقت بكلمات ربها وكتابه فآمنت بهذا الكتاب إيمانا حقيقيا جعلها تقرأه ترتله تفهمه تتدبر آياته تعمل بما فيه ثم تنقل هذا الذي تلقته جميعا كله إلى أبنائها وإلى أجيالها التي تربيهم بالقرآن فذكر بالقرآن من يخاف وعيد. نسأل الله جلّ وعلا أن يوفق نساء المسلمين للارتباط بكتاب ربهم والتمسك به وتدبر آياته إنه على كل شيء قدير والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

     رابط الحلقة:دروس تربوية من القرآن الكريم - (وصدّقت بكلمات ربها وكتبه) - د. محمد جابر القحطانيدروس تربوية من القرآن الكريم - (وصدّقت بكلمات ربها وكتبه) - د. محمد جابر القحطاني

    تابعنا على الفيسبوك

    الأقسام

    حديث (3) دروس (1) قرأن (1) قصص (3)

    رمضان كريم

    رمضان كريم

    مواقيت الصلاة

    back to top